الباب الذي تَدْخُلُ الناسُ منه ، حتى جاءهُ مِنْ خَلْفِهِ وهو لا يَشْعُرُ ، ثمَّ قالَ لَه : الِتفتْ ـ يا أَميرَ المؤمنين ـ إِليٌ ، فأَصْغى إِليه فَزِعاً ، فقالَ له : إِنَّ الْفَضْلَ حَدَثٌ ، وأَنا أَكْفيكَ ما تريد ، فانْطَلَقَ وَجْهُهُ وسُرَّ ، وأَقبَلَ على النّاسِ فقالَ : إِنَّ الفَضْلَ كانَ قد عَصاني في شيءٍ فَلَعَنْتُه ، وقد تابَ وأَنابَ إِلى طاعَتي فَتَوَلّوْهُ. فقالُوا : نَحْنُ أَولياءُ مَنْ والَيْتَ ، وأَعداءُ مَنْ عادَيْتَ وقد تَوَليناه.
ثمَّ خَرَجَ يحيى بن خالد على البريدِ حتّى وافى بغداد ، فماجَ النّاسُ وأَرجَفُوا بكلِّ شيءٍ ، وأَظْهَرَ أَنّه وَرَدَ لتعديِل السَّوادِ والنَّظَرِ في أمْرِ العُمّال ، وتَشاغَلَ ببعضِ ذلك أَيّاماً ، ثم دَعا السِندي فأَمَرَه فيه بأَمْرهِ فامْتَثَله.
وكانَ الذي تَوَلّى به السِندي قَتْلَهُ عليهالسلام سمّاً جَعَلَهُ في طعامِ قَدَّمَه إِليه ، ويقال: انَّه جَعَلَه في رُطَبِ أَكَلَ منه فأَحَسَّ بالسُّمِّ ، ولَبثَ ثلاثاً بَعْدَه مَوْعُوكاً منه ، ثم ماتَ في اليًوْمِ الثالثِ (١).
وَلمّا ماتَ موسى عليهالسلام أَدْخَلَ السندي بن شاهَك عليه الفقهاءَ ووُجُوهَ أَهْل بغداد ، وفيهم الهَيْثَم بن عَدِيّ وغَيْرُه ، فنَظَرُوا إِليه لا أَثَرَ به من جَراحٍ ولا خَنْقٍ ، وأَشْهَدَهُم على أَنّه ماتَ حَتْفَ أَنفِهِ فَشَهدُوا على ذلك.
وأُخْرِجَ ووُضعَ على الجسرِ ببغداد ، ونُودِيَ : هذا موسى بن جعفر قد ماتَ فَانْظُرُوا إِليه ، فَجَعَلَ النّاسُ يَتَفَرَّسُونِ في وَجْهِهِ وهو
__________________
(١) في هامش «ش» : روي انه أذاب الرصاص فصبّه في حلق الكاظم عليهالسلام فكان سببَ موته.