ولو حذفت هذه الواو لكان جائزا ؛ لأنّ الضمير في قوله : (وَثامِنُهُمْ) يربط الجملتين ، وذلك نحو قولك : رأيت زيدا وأبوه قائم ، ولو قلت : رأيت زيدا أبوه قائم لكان جائزا ، وتقول : رأيت زيدا وعمرو قائم ، فلا يجوز حذف الواو ؛ لأنه لا ضمير هاهنا يربط الجملتين (١).
ولو دخلت الواو في قوله تعالى : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ) [الكهف : ٢٢] لكان جائزا عند النحويين" (٢).
* تساءل المجاشعي عن خبر (أنّ) في قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ) [الحجرات : ٧] ، قال : " والجواب : أن النحويين يجعلونه في الظرف الذي هو (فِيكُمْ)(٣) ، وهذا القول فيه نظر ؛ لأن حق الخبر أن يكون مفيدا ، ولا يجوز : النار حارة ؛ لأنه لا فائدة في الكلام ، ومجاز هذا القول أنه على طريق التنبيه لهم على مكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، كما يقول القائل للرجل يريد أن ينبهه على شيء ؛ فلان حاضر ، والمخاطب يعلم ذلك ، فهذا وجهه.
والوجه عندي (٤) ؛ أن يكون الخبر في قوله : (لَعَنِتُّمْ ؛) لأن الفائدة واقعة به ؛ والمعنى : واعلموا أن رسول الله لو يطيعكم لعنتم ، كما تقول : إنّ زيدا لو أكرمته لقصدك ، وما أشبه ذلك" (٥).
وممّا يزاد على آرائه ما زاده من شرح وتوجيه لأراء النحاة معقبا أو موضحا ، فقد شرح ووضح وأضاف في كثير من مباحثه رأيا أو توجيها أو احتمالا ، قال به البصريون أو الكوفيون أو من تابعهم من البغداديين ، وذلك على الطريقة التي اتبعها ابن الأنباري وغيره في الخلاف النحوي.
ففي قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [يوسف : ٢]. ذكر مكي
__________________
(١) ينظر أمالي المرتضى : ١ / ٤٤٠.
(٢) النكت في القرآن : ٢٥٨ ـ ٢٥٩.
(٣) مجمع البيان : ٩ / ٢١٩.
(٤) لقد أسند الطبرسي في مجمع البيان : ٩ / ٢١٩ هذا الرأي إلى نفسه ، على الرغم من كثرة نقله من هذا الكتاب؟!!.
(٥) النكت في القرآن : ٤٥٥.