خباب ، أليس يزعم محمد هذا الذي أنت على دينه ، أنّ في الجنة ما ابتغى أهلها من ذهب أو فضة أو ثياب أو خدم؟ قال خباب : بلى ، قال : فأنظرني إلى يوم القيامة حتى أرجع إلى تلك الدار ، فأقضيك هنا لك حقك ، فو الله لا تكون أنت ولا أصحابك يا خباب آثر عند الله مني وأعظم حظا (١) ، فأنزل الله تعالى فيه : (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي كَفَرَ بِآياتِنا) إلى آخر الآية" (٢).
ومثال الثاني : ما جاء في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) [الحجرات : ٤].
قال المجاشعي في سبب نزولها (٣) : " جاء في التفسير : أن أعرابا جفاة جاؤوا ، فجعلوا ينادون من وراء الحجرات : يا محمد ، اخرج إلينا ، وهو قول قتادة ومجاهد وكانوا من بني تميم (٤).
قال الفراء (٥) : أتاه وفد بني تميم ، وهو نائم في الظهيرة ، فجعلوا ينادون : اخرج إلينا يا محمد ، فاستيقظ ، فخرج إليهم ، ونزل : (إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ) ثم أذن لهم بعد ذلك ، وقام شاعرهم وشاعر المسلمين وخطيبهم وخطيب المسلمين فعلت أصواتهم بالتفاخر ، فنزلت : (لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِ) [الحجرات : ٢]. وقيل : نزلت في قوم كانوا يسبقون النبي صلىاللهعليهوسلم بالقول إذا سئل عن شيء .." (٦).
٢ ـ الوقف والابتداء : فقد كان المؤلف يهتم ببيان الوقوف القرآنية في الآيات التي تناولها ، وآثرها في تفسير الآية ، كما فعل في قوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [القصص : ٦٨] ..
قال المجاشعي : " و (ما) في قوله : (ما كان لهم الحيرة) نفي ، والوقف المختار :
قوله : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ،) ويبتدئ : (ما كان لهم الحيرة) فلا يجوز أن
__________________
(١) ينظر جامع البيان : ١٦ / ١٥٢ ، وأسباب نزول الآيات : ٢٠٤ ـ ٢٠٥.
(٢) النكت في القرآن : ٢٧٠ ـ ٢٧١.
(٣) النكت في القرآن : ٤٥٣ ـ ٤٥٤.
(٤) ينظر أسباب نزول الآيات : ٢٥٩.
(٥) معاني القرآن للفراء : ٣ / ٧٠.
(٦) ينظر أسباب نزول الآيات : ٢٥٩.