فقوله : (إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى) إشارة إلى ما تقدّم من أول السورة إلى ههنا ، وهذا هو المؤثّر ، وقوله : (لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ) فهذا هو المحل القابل ، والمراد به القلب الحيّ الذي يعقل عن الله تعالى ، وقوله : (أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ) ، أي : وجّه سمعه وأصغى إلى ما يقال له ، وهذا شرط التأثر بالكلام ، وقوله : (وَهُوَ شَهِيدٌ) ، أي : شاهد القلب حاضر غير غائب ، وهو إشارة إلى المانع من حصول التأثير ، وهو سهو القلب وغيبته عن تعقّل ما يقال له والنظر فيه وتأمّله.
فإذا حصل المؤثّر وهو القرآن ، والمحل القابل وهو القلب الحيّ ، ووجد الشرط وهو الإصغاء ، وانتفى المانع وهو اشتغال القلب وذهوله عن معنى الخطاب وانصرافه عنه إلى شيء آخر حصل الأثر ، وهو الانتفاع والتذكر (١).
نسأل الله أن يفهمنا كتابه ، ويكشف عنا ما ران على قلوبنا ، إنّه سميع بصير ، عفو كريم ، لا يخيّب من دعاه ، ولا يردّ من رجاه.
* * *
__________________
(١) راجع الفوائد لابن قيّم الجوزية ص ٣.