النيسابوري وعلم الكلام
ـ يعتبر علم الكلام من العلوم المحدثة في الملة ، وقد ظهر فيه اختلاف كثير في الآراء ، وظهرت طوائف ومذاهب شتى في ذلك.
ومن هذه الطوائف طائفة المعتزلة ، وأول من قام بهذا المذهب واصل بن عطاء الغزّال ، وكان يحضر حلقة الحسن البصري ، فلمّا قال : الفاسق لا مؤمن ولا كافر ، طرده الحسن عن مجلسه ، فانضم إليه عمرو بن عبيد ، واعتزلا حلقة الحسن ، فسمّوا المعتزلة (١).
وكانت وفاة واصل سنة ١٣١ ه.
ثمّ بعده تشعّبت المعتزلة فرقا وآراء ، وانتشرت آراؤهم ومذاهبهم ، وتأثر بهم كثير من الناس والعلماء والخلفاء ، حتى إنّ بعض الخلفاء حمل الناس كرها على القول ببعض آراءهم ، وتصدّى لهم علماء كثير بالردّ عليهم وعلى آرائهم.
والناس فيهم مختلفون ؛ فبالغ مشايخ ما وراء النهر مبالغة في تضليل المعتزلة ، حتى قالوا إنهم أقبح من المجوس ، حيث لم يثبتوا إلا شريكا واحدا ، والمعتزلة أثبتوا شركاء لا تحصى (٢).
__________________
(١) راجع سير أعلام النبلاء للذهبي ٥ / ٤٦٥.
(٢) وذلك بسبب قولهم : إنّ العبد خالق لأفعال نفسه الاختيارية ، والله تعالى يقول : (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ)؟!