ولكنّ المحققين من العلماء وأهل الإنصاف أجمعوا على أنّ المعتزلة من طوائف الإسلام ، وحملوا ما ذكر على الزجر للأنام (١).
ـ وقد قال شيخ الإسلام أبو القاسم الأنصاري ـ وقد سئل عن تكفير المعتزلة؟ قال : لا ؛ لأنهم نزهوه ، فسئل عن أهل السنّة؟ فقال : لا ، لأنهم عظّموه (٢).
قال الرازي : والمعنى أنّ كلا الفريقين ما طلب إلا إثبات جلال الله وعلو كبريائه ، إلا أنّ أهل السنّة وقع نظرهم على العظمة ، فقالوا : ينبغي أن يكون هو الموجد ولا موجد سواه ، والمعتزلة وقع نظرهم على الحكمة فقالوا : لا يليق بجلال حضرته هذه القبائح (٣).
ـ ونجد الجاحظ ـ وهو منهم ـ يقول :
لو لا مكان المتكلّمين لهلكت العوام من جميع الأمم ، ولو لا مكان المعتزلة لهلكت العوام من جميع النّحل (٤).
والحقّ أنّ المعتزلة دافعوا عن الإسلام ، وهم الذين وقفوا في وجه الفلاسفة الطاعنين في القرآن ، وردّوا عليهم ، وزيّفوا آراءهم ، لكنهم تأثّروا بهم بعض التأثر.
ـ والفلاسفة كفّروا بثلاثة أمور أساسية ، وهي : إنكار حشر الأجساد ، وحدوث العالم ، وعلم الله بالجزئيات ، وفي ذلك يقول القائل :
__________________
(١) راجع شرح الفقه الأكبر لملا علي القاري ص ٤٥ ـ ٤٦.
(٢) راجع تفسير الرازي ٢ / ٥٨.
(٣) أي : نسبة الإضلال لله والختم والطبع وما شابهها.
(٤) راجع كتاب الحيوان للجاحظ ٤ / ٢٠٦.