والحصور : الذي لا يأتي النساء ، والذي لا يذيع السر ، والذي لا يخرج مع الندامى شيئا (١).
(أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ). (٤٠)
على التعجب لا التشكّك ، كأنه استعظم قدرة الله على نقض العادة.
وقيل : إنه سؤال حال تكون له معها الولد ، أيردّ إلى الشباب وامرأته ولود أم على حالها في العقم والكبر؟ فقال :
(كَذلِكَ).
على حالكما.
(رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً).
أي : علامة لوقت الحمل ، وذلك ليعجل السرور به ، فكانت العلامة أن منع كلام الناس ولم يمنع ذكر الله.
(إِلَّا رَمْزاً). (٤١)
الرمز : الإيماء الخفي.
(يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ). (٤٢)
وتكرير الاصطفاء لأنّ الأول الاصطفاء بالعبادة والولاية ، والثاني بولادة عيسى من غير أزواج وأمشاج.
__________________
(١) يقال : رجل حصور وحصير : إذا حبس رفده ولم يخرج ما يخرجه الندامى. وقال ابن مسعود وابن عباس والحسن وغيرهم : الحصور هو الذي يكف عن النساء ولا يقربهن مع القدرة ، وهذا أصح الأقوال لوجهين : أحدهما : أنّه مدح وثناء عليه ، والثناء إنما يكون عن الفعل المكتسب دون الجبلّة في الغالب. والثاني : أن صيغة فعول في اللغة من صيغ الفاعلين ، فالمعنى أنه يحصر نفسه عن الشهوات ، ولعلّ هذا كان شرعه. راجع تفسير القرطبي ٤ / ٧٨. ـ وقال أبو الحسن الحرالي : الحصور : هو من الحصر ، وهو المنع عمّا شأن الشيء أن يكون مستعملا فيه. راجع نظم الدرر ٤ / ١٦٦.