(وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ). (٤٤)
وإنما ألقوا الأقلام وضربوا عليها بالقداح تفاديا عنها وتدافعا لها. لأنّ السنين ألحت مثليهم (١) ، والأزمان بلغت منهم.
وقيل : بل ألقى الله عليها محبة منه فتنافسوا في كفايتها مقترعين ، فقرعهم زكريا.
(اسْمُهُ الْمَسِيحُ). (٤٥)
والمسيح من الأسماء المشتركة ، فالمسيح سبائك الذهب ، والمسيح ما دون الفود من الرأس ، والمسيح : الكثير الجماع ، والمسيح : المنديل الأخشن ، والمسيح : الذراع ، والمسيح : العرق ، والمسيح : الكذاب ، وبه سمي الدجال ؛ لأنه مسح البركة.
وقيل : إنه من المسيح بالدهن إذ كان في بني إسرائيل شرط القيام بالملك. وملك العالم ـ الذي هو النبوة ـ أولى بذلك.
وقيل : إنّ إيليا مسحه بالدهن فسمي مسيحا ، فهو على هذه الأقاويل فعيل بمعنى مفعول (٢) ، مثل : الصريع والجريح.
وقيل : إنه ما كان يمسح ذا عاهة إلا برأ ، فهو بمعنى الفاعل كالرحيم والعليم.
وقيل : إنه المصدّق ، أي : صدّقه الحواريون ، فهو فعيل بمعنى مفعل (٣) ، كالوكيل والركيل.
__________________
(١) يقال : لحت فلان عصاه إذا قشرها. وفي الحديث : [إنّ هذا الأمر لا يزال فيكم ، وأنتم ولاته ما لم تحدثوا أعمالا ، فإذا فعلتم كذا بعث الله عليكم شر خلقه فلحتوكم كما يلحت القضيب]. راجع اللسان : لحت ٢ / ٨٣.
(٢) انظر المدخل لعلم التفسير ص ٢٦٧.
(٣) انظر المدخل لعلم التفسير ص ٢٧٣.