(وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا). (٤٥)
دخول الباء لتأكيد الاتصال ، لأنّ الاسم في «كفى الله» يتصل اتصال الفاعل ، فاتصل بالباء اتصال المضاف أيضا ، فازداد معنى.
(مِنَ الَّذِينَ هادُوا) تمام الصفة قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً)(١) والوقف «هادوا» (٢) وقيل : إنه على الاستئناف ، وتقديره : من الذين هادوا فريق يحرّفون ، كما قال تميم بن مقبل :
٢٨٦ ـ وما الدّهر إلا تارتان فمنهما |
|
أموت وأخرى أبتغي العيش أكدح |
٢٨٧ ـ وكلتاهما قد خطّ في صحيفة |
|
فلا العيش أهوى لي ولا الموت أروح (٣) |
__________________
(١) قوله : (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ) ، قال الفراء : إن شئت جعلتها متصلة بقوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ ، مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ) وإن شئت كانت منقطعة عنها مستأنفة ، ويكون المعنى : من الذين هادوا من يحرفون الكلم. راجع معاني القرآن للفراء ١ / ٢٧١.
(٢) قال الأشموني : الوقف على (نصيرا) كاف إن جعل (من الذين) خبرا مقدما ، و «يحرفون» : جملة في محل رفع صفة لموصوف محذوف ، واجتزىء بالصفة عنه. أو تقول : حذف المبتدأ وأقيم النعت مقامه. وكذا إن جعل (من الذين) خبر مبتدأ محذوف ، أي : هم الذين هادوا. وليس بوقف إن جعل (من الذين) حالا من فاعل يريدون ، أو جعل بيانا للموصول في قوله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا) لأنهم يهود ونصارى ، أو جعل بيانا ل : «أعدائكم» وما بينهما اعتراض ، أو علّق (نصيرا). راجع منار الهدى ص ١٠١. ونذكر الآيات بتمامها ليتضح المعنى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ ، وَاللهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللهِ نَصِيراً ، مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ).
(٣) البيتان لابن مقبل وهو شاعر إسلامي ، وهما في خزانة الأدب ٥ / ٥٨ ؛ وديوانه ص ٢٤. الأول منهما في روح المعاني ٥ / ٤٦ ؛ وشرح الأبيات للسيرافي ٢ / ١١٤ ؛ والمقتضب ٢ / ١٣٦ ، ولسان العرب مادة : كدح.