وقد قرىء (وَأَرْجُلَكُمْ)(١) بالنصب عطفا على قوله : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ).
وإنما يجوز مثل هذا في الكلام الهجين المعقد ، والمريج المختلط ، دون العربي المبين. وهل في جميع القرآن مثل : رأيت زيدا ومررت بعمرو وخالدا؟!
ولهذا قدّر الكسائي فيه تكرار الفعل ، أي : واغسلوا أرجلكم.
ولهذا قراءة الحسن (وأرجلكم) (٢) بالرفع على الابتداء المحذوف الخبر ، أي : وأرجلكم مغسولة ؛ لئلا يحتاج إلى اعتبار المجاز توقّى العطف عما يليه.
فالأولى إذا أن يكون معطوفا على مسح الرأس في اللفظ والمعنى ، ثمّ نسخ بدليل السنة ، وبدليل التحديد إلى الكعبين ، لأن التحديد يكون في المغسول.
قال الشعبي : جاء القرآن بالمسح ، والسنة بالغسل (٣).
(وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ). (٧)
__________________
(١) قرأ بالنصب نافع وابن عامر وحفص والكسائي ويعقوب. وحجة النصب أنه عطفه على الوجوه والأيدي ، وكان ذلك أولى عنده ، لما ثبت من السنة والإجماع على غسل الأرجل ، فعطف على ما عمل فيه الغسل ، وقوّى ذلك أنه لما كانت الأرجل مجرورة في الآية كان عطفها على ما هو مجرور مثلها أولى من عطفها على غير مجرور ، وأيضا فإن الخفص يقع فيه إشكال من إيجاب المسح أو الغسل ، وعطفه على الوجوه ونصبه ليخرجه من الإشكال ، وليحقق الغسل الذي أريد به وهو الفرض. راجع الكشف عن وجوه القراءات ١ / ٤٠٧.
(٢) راجع الإتحاف ص ١٩٨ ؛ وهي قراءة شاذة.
(٣) أخرجه النحاس في الناسخ والمنسوخ ص ١٤٩ ، فعند الشعبي : الآية جاءت بالمسح ، ثم نسخ المسح بالغسل الذي جاءت به السنة.