وقوله تعالى : (أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها ، رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها ، وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها)(١) فزعم أنّ الآية الأولى تقتضي أن يكون خلق الأرض قبل خلق السموات ، وفي الثانية يوجب أن يكون خلق السموات قبل خلق الأرض؟
أجاب الشيخ :
إنه تعالى أخبر أنّ الأرض بعد ذلك دحاها ، وقد كان خلقها من قبل ، وإنما أراد بقوله (دَحاها) أنه بسطها ، فقد كان تعالى خلقها لا مبسوطة قبل خلق السماء ثم بسطها بعد خلق السماء.
وقد ذكر مؤلفنا هذا الاعتراض وأجاب عنه بنفس الجواب ، بالإضافة إلى ذكر اعتراضات أخرى ، سوف يجدها القارىء في خلال قراءته للتفسير منها عند قوله تعالى : (كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ)(٢).
يقول المؤلف : وبلغ من جهل ابن الراوندي بأشعار العرب ومحاسن التشبيه أن قال : ما في بيض النعام من محاسن الحان حتى يصير موضع تشبيهها به!؟ والعرب تناقلت ذلك ، والقرآن على لسانهم.
قال الراجز في الجاهلية :
كأنّ لون البيض في الأدحيّ |
|
لونك إلا صفرة الجاديّ |
وقال عروة :
كأنهنّ وقد حسرن لواغبا |
|
بيض بأكناف الحطيم مركّم |
وقال الفرزدق :
فجئن إليّ لم يطمثن قبلي |
|
وهنّ أصحّ من بيض النّعام |
__________________
(١) سورة النازعات : آية ٢٧ ـ ٣٠.
(٢) سورة الصافات : آية ٤٩.