ـ قلنا : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ) على مذهب الأخفش بدل من الذين وليس بوصف.
وفي كلام أبي علي (١) : إن (غَيْرِ) ههنا مع ما أضيف إليه معرفة ، وحكم كلّ مضاف إلى معرفة أن يكون معرفة ، وإنما تنكّرت في الأصل «غير» و «مثل» مع إضافتهما إلى المعارف من أجل معناهما ، لأنك إذا قلت : رأيت غيرك ، فكلّ شيء تراه سواه هو غيره ، وكذلك إذا قال : رأيت مثلك فما هو مثله في خلقه وخلقه وجاهه وعلمه لا يحصى ، فإنما صارتا نكرتين من أجل المعنى.
فأمّا إذا كان المعرفة له ضد واحد ، وأردت إثباته ونفي ضده ـ وعلم ذلك السامع فوصفته بغير وأضفت «غير» إلى ضده ـ فهو معرفة ، كقولك : عليك بالحركة غير السكون.
فغير السكون معرفة وهو الحركة ، فكأنك كرّرت الحركة تأكيدا ، فكذلك هذه ، لأنّ كل من أنعم عليه بالإيمان فهو غير مغضوب عليه ، وعلى العكس فغير المغضوب عليهم هم الذين أنعم عليهم ، فهو مساو له في معرفته ، ف «غير» على هذا التقدير معرفة (٢).
وههنا إشكال آخر معنوي في كيفية غضب الله ، فينبغي أن تعلم أنّ الغضب من الله يخالف غضبنا ، فإنّه منّا شهوة الانتقام عند غليان دم القلب ، وهو من الله إرادة المضار بمن عصاه.
__________________
(١) أبو علي الفارسي : الحسن بن أحمد ، أحد عباقرة النحو ، صحب عضد الدولة ابن بويه وعلت منزلته عنده ، أخذ عنه ابن جني وله كتاب «الإيضاح» و «التكملة» وقد طبعا. توفي سنة ٣٧٧ ه.
(٢) وهذا النقل عن الحجة في القراءات للفارسي ١ / ١٤٣.