ثمّ قال :
يا بني عبد المطلب إنّي والله ما أعلم شابّاً في العرب جاء قومه بأفضل ممّا جئتكم به ، إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة ، وقد أمرني الله عزّ وجلّ أن أدعوكم إليه فأيُّكم يؤمن بي ويؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ؟
ولمّا بلغ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى هذه النقطة ، وبينما أمسك القوم وسكتوا عن آخرهم وأخذوا يفكّرون مليّاً في ما يؤول إليه هذا الأمر العظيم ، وما يكتنفه من أخطار قام علي عليهالسلام فجأة ، وهو آنذاك في الثالثة أو الخامسة عشرة من عمره ، وقال وهو يخترق بكلماته الشجاعة جدار الصمت والذهول :
أنا يا رسول الله أكون وزيرك على ما بعثك الله.
فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اجلس ، ثمّ كرّر دعوته ثانية وثالثة وفي كلّ مرة يحجم القوم عن تلبية دعوته ، ويقوم علي ويعلن عن استعداده لمؤازرة النبي ، ويأمره رسول الله بالجلوس حتى إذا كانت المرة الثالثة أخذ رسول الله بيده والتفت إلى الحاضرين من عشيرته الأقربين ، وقال :
إنّ هذا أخي ، ووصيي ، وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا.
فقام القوم يضحكون ويقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع وجعله عليك أميراً. ١
هذا موجز ما ذكره المفسرون والمحدّثون حول الآية ، وفي صحاحهم ومسانيدهم.
__________________
١. تاريخ الطبري : ٢ / ٦٢ ـ ٦٣ ، الكامل في التاريخ : ٢ / ٤٠ ـ ٤١ ، مسند أحمد : ١ / ١١١ ، شرح نهج البلاغة : ١٣ / ٢١٠ ـ ٢١١.