الغدير محفوف بآيتين : آية قبل النزول وهي آية التبليغ ، وآية بعده وهي آية الإكمال ، قال سبحانه : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ).
أصفقت الإمامية عن بكرة أبيهم على نزول هذه الآية الكريمة حول نص الغدير بعد أصحار النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بولاية مولانا أمير المؤمنين عليهالسلام بألفاظ درّية صريحة ، فتضمَّن نصّاً جليّاً عرفته الصحابة وفهمته العرب فاحتج به من بلغه الخبر ، وصافق الإماميَّة على ذلك كثيرون من علماء التفسير وأئمة الحديث وحفظة الآثار من أهل السنة ، وهو الذي يساعده الاعتبار ويؤكّده النقل الثابت في تفسير الرازي ( ٣ / ٥٢٩ ) عن أصحاب الآثار : انّه لمّا نزلت هذه الآية على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يُعمّر بعد نزولها إلاّ أحداً وثمانين يوماً أو اثنين وثمانين ، وعيَّنه أبو السعود في تفسيره بهامش تفسير الرازي : (٣ / ٥٢٣ ) وذكر المؤرخون منهم : انّ وفاته صلىاللهعليهوآلهوسلم في الثاني عشر من ربيع الأوّل ، وكأنّ فيه تسامحاً بزيادة يوم واحد على الاثنين وثمانين يوماً بعد إخراج يومي الغدير والوفاة.
وعلى أي حال فهو أقرب إلى الحقيقة من كون نزولها يوم عرفة ، كما جاء في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما لزيادة الأيام حينئذ ، على أنّ ذلك معتضد بنصوص كثيرة لا محيص عن الخضوع لمفادها. ١
وقد أُثيرت حول الاستدلال بالآية إشكالات من قبل الإمام الفخر الرازي ( ٥٤٣ ـ ٦٠٨ ه ) في تفسيره الكبير. ٢
__________________
١. الغدير : ١ / ٢٣٠.
٢. التفسير الكبير : ١٢ / ٢٦. وقد أجبنا عن هذه الأسئلة بتفصيل في مقال خاص طبع في كتاب رسائل ومقالات ، لاحظ ص ٥٦٨ ـ ٥٧٥ من الكتاب المذكور.