وخطابهم لأجل إعلام نساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بأنّهن في جوار هؤلاء المطهرين فيحب عليهن القيام بأداء حقوق هؤلاء العظماء ، الذين ميّزهم الله تعالى عن غيرهم من هذه الأُمّة بالتطهير والعصمة والاقتداء بهم في القول والسلوك.
ولكن يبقى هنا سؤال آخر ، وهو أنّه إذا كانت الآية ، آية مستقلة فلماذا جاءت في المصحف جزءاً من آية أُخرى ، ولم تكتب بصورة آية تامّة في جنب الآيات الأُخرى ؟
الجواب : التاريخ يطلعنا بصفحات طويلة على موقف قريش وغيرهم من أهل البيت عليهمالسلام ، فإنّ مرجل الحسد ما زال يغلي والاتجاهات السلبية ضدهم كانت كالشمس في رابعة النهار ، فاقتضت الحكمة الإلهية أن تجعل الآية في ثنايا الآيات المتعلّقة بنساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من أجل تخفيف الحساسية ضد أهل البيت ، وان كانت الحقيقة لا تخفى على من نظر إليها بعين صحيحة ، وأنّ الآية تهدف إلى جماعة أُخرى غير نساء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كما بيّناه قبل قليل.
وللسيد عبد الحسين شرف الدين هنا كلام ربّما يفصل ما أجملناه فإنّه ـ قدّس الله سرّه ـ بعد ما أثبت أنّ قوله سبحانه : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) ١ منزل في حق الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام طرح سؤالاً ، وهو أنّه إذا كان أمير المؤمنين عليهالسلام هو المراد من الآية فلماذا عبر عن المفرد بلفظ الجمع ؟
فقال : إنّ العرب قد تعبّر عن المفرد بلفظ الجمع لنكتة التعظيم حيث يستوجب ، ثم قال : وعندي في ذلك نكتة ألطف وأدق ، وهي أنّه إنّما أُتي بعبارة الجمع دون عبارة المفرد بُقياً منه تعالى على كثير من الناس ، فإنّ شانئي علي وأعداء
__________________
١. المائدة : ٥٥.