إنّما الكلام في تبيين مواضع الخمس ، وقد قسّم الخمس في الآية إلى ستة أسهم ، أعني : لله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل.
فالسهمان الأوَّلان واضحان ، إنّما الكلام في السهم الثالث وما بعده ، فالمراد من ذي القربى هم أقرباء النبي وذلك بقرينة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد سبق منّا القول في تفسير آية المودة : انّ تبيين المراد من القربى رهن القرائن الحافَّة بالآية فربما يراد منها أقرباء الناس ، مثل قوله : ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى ). ١ المراد أقرباء المخاطبين ، بقرينة قوله : ( قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ) نظير قوله : ( وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى ) والمراد أقرباء الميت.
وعلى ضوء ذلك فإذا تقدَّم عليه لفظ « الرسول » يكون المراد منه أقرباء الرسول كما في الآية ( لِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى ) ، ومثله قوله : ( مَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ). ٢ وقوله : ( فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ). ٣ فالمراد من ذي القربى هم أقرباء الرسول بقرينة توجَّه الخطاب إليه أعني « فآت ».
ومنه يعلم المراد من المساكين في الآيتين وآية الخمس ، أي مساكين ذي القربى وأيتامهم وأبناء سبيلهم.
هذا هو المفهوم من الآية ، وعلى ما ذكرنا فكلّ ما يفوز به الإنسان في مكسبه ومغنمه أو ما يفوز به في محاربة المشركين والكافرين ، يُقسّم خمسه بين ستة سهام كما عرفت.
__________________
١. الأنعام : ١٥٢. |
٢. الحشر : ٧. |
٣. الروم : ٣٨.