فقال أبو جعفر عليهالسلام : ما تدري أين أنت ؟ أنت بين يدي ( بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ ) ونحن أُولئك.
فقال له قتادة : صدقت ، والله جعلني فداك ، والله ماهي بيوت حجارة ولا طين. ١
ويؤيّد ما رواه الصدوق في الخصال عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : ان الله اختار من البيوتات أربعة ثم قرأ هذه الآية : ( إِنَّ اللهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَ آلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) ٢. ٣
وعلى هذا الحوار فالمراد من البيت ، بيت الوحي وبيت النبوَّة ، ومن يعيش في هذه البيوت من رجال لهم الأوصاف المذكورة في الآية الكريمة.
هذا كلّه حول الأمر الأوّل.
وأمّا الأمر الثاني ، أعني : ما هو المراد من الرفع ؟ فيحتمل وجهين :
الأوّل : أن يكون المراد الرفع المادي الظاهري الذي يتحقَّق بإرساء القواعد وإقامة الجدار والبناء ، كما قال سبحانه : ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ ). ٤ وعلى هذا تدل الآية على جواز تشييد بيوت الأنبياء والأولياء وتعميرها في حياتهم بعد مماتهم.
الثاني : أن يكون المراد الرفع المعنوي والعظمة المعنوية ، وعلى هذا تدل الآية بتكريم تلك البيوت وتبجيلها وصيانتها وتطهيرها مما لا يليق بشأنها.
__________________
١. البرهان في تفسير القرآن : ٣ / ١٣٨. |
٢. آل عمران : ٣٣ ـ ٣٤. |
٣. الخصال : ١ / ١٠٧. |
٤. البقرة : ١٢٧. |