يفسّر الآية بالآية ويجتث شبهة الجبر ببيان أنّ الطبع على القلوب كان عقوبة من الله في حقّهم لجرائم اقترفوها ، ولم يكن الطبع ابتدائياً بلا مبرر ، إذ كيف يطلب منهم الإيمان ثمّ يطبع على قلوبهم ابتداء ، أو ليس يصف نفسه بقوله : ( وَمَا رَبُّكَ بِظَلامٍ لِّلْعَبِيدِ ) ١. ٢
٤. روى أبو ذكوان ، قال : سمعت إبراهيم بن العباس يقول : كنّا في مجلس الرضا عليهالسلام فتذاكروا الكبائر وقول المعتزلة فيها : إنّها لا تغفر ( إذا مات صاحبها بلا توبة ) ، فقال الرضا عليهالسلام : قال أبو عبد الله عليهالسلام : « قد نزل القرآن بخلاف قول المعتزلة ، قال الله عزّوجلّ : ( وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ ) ٣. ٤
وجه الاستدلال أنّ قوله : ( عَلَى ظُلْمِهِمْ ) حال من قوله : ( لِّلنَّاسِ ) ، ومعنى الآية : أنّ غفران الله شامل لهم في حال كونهم ظالمين ، والآية نظير قول القائل : « أودّ فلاناً على غدره وأصله على هجره » ، فمن مات بلا توبة عن كبيرة فلا يحلّ لنا الحكم بأنّه لا يغفره ، لأنّ رحمة الله تشمل الناس في حال كونهم تائبين أو ظالمين. نعم ليس للمقترف الاعتماد على هذه الآية ، لأنّه وعدٌ مجمل كالشفاعة.
٥. وروى الحسين بن بشار ، قال : سألت علي بن موسى الرضا عليهالسلام أيعلم الله الشيء الذي لا يكون أن لو كان كيف كان ؟ قال : « إنّ الله هو العالم بالأشياء قبل كون الأشياء ، وقال لأهل النار : ( وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ ). ٥
وقال للملائكة لما قالت : ( أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا ) ، قال : ( إِنِّي أَعْلَمُ
__________________
١. فصّلت : ٤٦. |
٢. لاحظ ذيل الحديث. |
٣. الرعد : ٦. |
٤. التوحيد : ٤٠٦ ، ولاحظ مجمع البيان : ٣ / ٢٧٨.
٥. الأنعام : ٢٨.