الآية قاطعاً لشغبهم فقال : « ادم لنا توفيقك الذي به أطعناك في ماضي أيّامنا حتى نطيعك كذلك في مستقبل أعمالنا ».
ثمّ فسّر الصراط بقوله : « الصراط المستقيم هو صراطان : صراط في الدنيا ، وصراط في الآخرة. أمّا الأوّل : فهو ما قصر عن الغلو وارتفع عن التقصير ، واستقام فلم يعدل إلى شيء من الباطل. وأمّا الطريق الآخر : فهو طريق المؤمنين إلى الجنّة الذي هو مستقيم ، لايعدلون عن الجنّة إلى النار ولا إلى غير النار سوى الجنة ». ١
وقد استفحل أمر الغلاة في عصر الإمام العسكري ، ونسبوا إلى الأئمّة الهداة أُموراً هم عنها براء ، ولأجل ذلك يركز الإمام على أنّ الصراط المستقيم لكلّ مسلم هو التجنّب عن الغلوّ والتقصير.
٣. ربّما يغترّ الغافل بظاهر قوله سبحانه : ( صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ ... ) ويتصوّر أنّ المراد من النعمة هو المال والأولاد وصحّة البدن ، وإن كان كلّ هذا نعمة من الله ، ولكنّ المراد من الآية بقرينة قوله : ( غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ ) هو نعمة التوفيق والهداية.
ولأجل ذلك نرى أنّ الإمام يفسّر الأنعام بقوله : « قولوا : إهدنا صراط الذين أنعمت عليهم بالتوفيق لدينك وطاعتك وهم الذين قال الله عزّوجلّ : ( وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا ) ، ثمّ قال : ليس هؤلاء المنعم عليهم بالمال وصحّة البدن ، وإن كان كلّ هذا نعمة من الله ظاهرة ». ٢
٤. لقد تفشت فكرة عدم علمه سبحانه بالأشياء قبل أن تُخلق استلهاماً من
__________________
١. معاني الأخبار : ٣٣. |
٢. معاني الأخبار : ٣٦. |