٢. ( قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ ). ١
ترى أنّ الآية تنسب الضلالة إلى نفس الإنسان ، والهداية إلى وحيه سبحانه إليه ، مع أنّ الهداية والضلالة كلّها من الله سبحانه ، وما هذا إلاّ لأنّه سبحانه قد هيّأ كافّة وسائل الهداية للإنسان منذ أنْ خُلِقَ إلى أن يُدرج في أكفانه ، وهي عبارة عن تزويده بفطرة التوحيد وتعزيزها ببعث الأنبياء والمرسلين ، والعقل السليم ، إلى غير ذلك من أدوات الهداية ، فمن انتفع بها فقد اهتدى ، فصحّ أن يقال : إنّ الهداية من الله لأنّه زوّد الإنسان بوسائلها ، ومن لم ينتفع بها فقد ضلّ فصحّ أن يقال ( إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي ).
وبهذا المضمون قوله سبحانه : ( مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا ). ٢
٣. ( وَقُلِ الحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ). ٣
ولا تجد في القرآن الكريم آية أكثر نصاعة في حرية الإنسان من هذه الآية ، وقد صبّ شهيدنا الثاني ( ٩٠٩ ـ ٩٦٦ ه ) مضمون هذه الآية ضمن بيتين ، حيث قال :
لقد جاء في القرآن آية حكمة |
|
تدمّر آياتِ الضلال ومن يُجبر |
وتخُبر انّ الاختيار بأيدينا |
|
فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر |
__________________
١. سبأ : ٥٠. |
٢. الإسراء : ١٥. |
٣. الكهف : ٢٩.