إنّ وفود هذا النوع من التفكير المزيج بسوء الظنّ بالغيب والمعارف الإلهية ، بعث المفسّرين الإسلاميين من سنّيهم وشيعيّهم إلى التطوير في المنهج التفسيري ، وإيداع مسائل جديدة في كتبهم باحثين عنها ومخضعين إياها للمشراط العلمي ، وهم في ذلك بين مُفرط ومفرّط ومقتصد ، فأفرط بعض في تأويل الآيات حسب الأُسس الطبيعية والنواميس الكونية المكتشفة ، غافلاً عن أنّ هذه الآراء والمكتشفات فرضيات متزلزلة ، سوف تتبدّل إلى آراء غيرها ، كما فرّط بعضهم فتمسّك بالأُصول الموروثة عن الأغارقة حول السماء والعالم ، وهناك طبقة وسطى مشوا بين الخطّين ، فلم يمنعهم التعبّد بالقرآن عن التنسيق بين الوحي القرآني والنظريات القطعية الحديثة التي ثبتت بوضوح ، وأيّده الحسّ والتجربة.
لقد أثّرت الحضارة الغربية على المناهج التفسيرية ، فأدخلت في التفسير جملة من المسائل الفلسفية والطبيعية والاجتماعية والنفسية والمسائل العائلية إلى غير ذلك ممّا تقوم عليه الحياة في هذه الأعصار ، فصار ذلك سبباً لبروز لون خاصّ من التفسير لم يكن معهوداً في القرون السابقة ، كما أنّ ذلك صار سبباً لرجوع المسلمين إلى القرآن من جديد كيما يتخلّصوا بفضله من التيّارات الالحاديّة ، فأُلّفت في ذلك القرن تفاسير لا يحيط بها الباحث إلاّ بشدّ الرحال إلى البلاد وتسجيل أسمائها في رسالة مفردة ، ولإيقاف القارئ على نزر يسير من الجهود العلميّة التي نهض بها علماء الشيعة في هذا القرن ، نأتي بأسماء أعلام التفسير فيه ونخصّ بالذكر المؤلّفين باللغة العربية. والّتي طبعت وانتشرت في البلاد ، ونترك المخطوط والمؤلّف بغير اللغة العربية لضيق المجال.
١٠٤. الشيخ محمد حسين بن الشيخ باقر البروجردي ، له « أسرار التنزيل » اختاره من تفسيره الكبير ، وتوفّي في نيف وثلاثمائة بعد الألف.