القرون الأخيرة فحدّث عنهم ولا حرج ، كيف وقد ألّفوا رسائل كبيرة وصغيرة حول الموضوع ، ونحن نسأل من يرمي الشيعة بالقول بالتحريف بأنَّه بأي دليل يقول : بأنّ تنصيص الشخصيات الأربع الأُول على عدم التحريف من باب التقية ١ ، أهكذا أدب العلم وأدب الإسلام ؟ أليس الله تعالى يقول : ( وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ) ٢ والعجب أنّه يستشهد على هذا النظر بقول أعداء الشيعة ويترك قول علمائهم ، وبما أنّ الكاتب يستند في بعض أبحاثه إلى كلمات قائد الثورة الإسلامية الإمام الخميني قدسسره نأتي بنصّ كلامه في هذا الموضع ، وهذا ما جاء في محاضراته التي أُلقيت قبل خمسين سنة :
إنّ الواقف على عناية المسلمين بجمع الكتاب وحفظه وضبطه قراءة وكتابة ، يعترف ببطلان تلك المزعمة « التحريف » ، وأنّه لا ينبغي أن يركن إليها ذو مسكة ، وما وردت فيه من الأخبار ، بين ضعيف لا يستدلّ به ، إلى مجعول يلوح منه أمارات الجعل ، إلى غريب يقضي منه العجب ، إلى صحيح يدلّ على أنّ مضمونه تأويل الكتاب وتفسيره ، إلى غير ذلك من الأقسام التي يحتاج بيان المراد منها إلى تأليف كتاب حافل ، ولولا خوف الخروج عن طور البحث لأرخينا عنان البيان إلى تشريح تاريخ القرآن وما جرى عليه طيلة القرون ، وأوضحنا لك أنّ الكتاب هو عين ما بين الدفّتين ، والاختلاف الموجود بين القرّاء ليس إلاّ أمراً حديثاً لا ربط له بما نزل به الروح الأمين على قلب سيد المرسلين. ٣
__________________
١. الندوي : صورتان متضادتان لنتائج جهود الرسول الأعظم ، طبع لكهنو.
٢. النساء : ٩٤.
٣. تهذيب الأُصول ( تقريرات الإمام الخميني ) : ٢ / ٩٦.