العالمين فيحشر الناس بها من قبورهم « فجمعناهم جمعا » أي حشرنا الخلق كلهم يوم القيامة في صعيد واحد.
وفي قوله تعالى : « أفإن مت » : أي على ما يتوقعونه وينتظرونه « فهم الخالدون » أي إنهم يخلدون بعدك يعني مشركي مكة حين قالوا : نتربص بمحمد ريب المنون.
وفي قوله تعالى : « فإذا نفخ في الصور » : قيل : إن المراد به نفخة الصعق عن ابن عباس ، وقيل : نفخة البعث عن ابن مسعود ، والصور جمع صورة عن الحسن ، وقيل : قرن ينفخ فيه إسرافيل بالصوت العظيم الهائل على ما وصفه الله تعالى علامة لوقت إعادة الخلق عن أكثر المفسرين. « فلا أنساب بينهم يومئذ » أي لا يتواصلون بالانساب ولا يتعاطفون بها مع معرفة بعضهم بعضا ، أي لا يرحم قريب قريبه لشغله عنه ، وقيل : معناه : لا يتفاخرون بالانساب ، والمعنى : أنه لا يفضل بعضهم بعضا يومئذ بنسب ، وإنما يتفاضلون بأعمالهم ، وقال النبي صلىاللهعليهوآله : كل حسب ونسب منقطع يوم القيامة إلا حسبي ونسبي « ولا يتسائلون » أي ولا يسأل بعضهم بعضا عن حاله وخبره كما كانوا يسألون في الدنيا لشغل كل واحد بنفسه ، وقيل : لا يسأل بعضهم بعضا أن يحمل عنه ذنبه ، ولا تنافي بينها وبين قوله : « فأقبل بعضهم على بعض يتسائلون » لان للقيامة أحوالا ومواطن فمنها : حال يشغلهم عظم الامر فيها عن المسألة ، ومنها : حال يلتفتون فيها فيتساءلون ، وهذا معنى قول ابن عباس لما سئل عن الآيتين فقال : هذه تارات يوم القيامة. وقيل : إنما يتساءلون بعد دخول الجنة.
وفي قوله تعالى : « ففزع من في السموات ومن في الارض » أي ماتوا لشدة الخوف والفزع كما قال : « فصعق من في السموات » وقيل : هي ثلاث نفخات كما مر « إلا من شاء الله » من الملائكة الذين يثبت الله قلوبهم وهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ، وقيل : هم الشهداء فإنهم لا يفزعون في ذلك اليوم ، روي ذلك في خبر مرفوع « وكل » من الاحياء الذين ماتوا ثم أحيوا « أتوه » أي يأتونه في المحشر « داخرين » أي أذلاء صاغرين « وترى الجبال تحسبها جامدة » أي واقفة مكانها لا تسير ولا تتحرك في مرأى