بوجوب انفصال ماء الغسالة لو كان بالقليل ، خصوصا ماء غسلة الإزالة لا التطهير وان لم نقل بوجوب العصر ، للفرق بينه وبين الصب ، وبنجاسة غسالته الراسبة فيه دون الكثير ، إذ هو إن سلم ففي غير غسل البواطن ، على أن مثله يأتي في الغسل بماء الكثير أيضا عند التأمل ، والاكتفاء بالإهلاك فيه دون القليل تحكم ، وقد تقدم ما يعلم منه ما في الأخير بما لا مزيد عليه.
نعم لو توقف نفوذ الماء القليل إلى الأعماق على وضع المتنجس فيه دون صبه عليه اتجه حينئذ اختصاص تطهيره بالكثير ، بناء على اعتبار ورود المطهر من القليل على المتنجس لا ما إذا لم يتوقف ، والقول بتحكيم استصحاب بقاء النجاسة ـ في غير المتيقن من الوضع بالماء الكثير دون القليل الذي ظاهر أكثر الأصحاب إن لم يكن مجمعا عليه عدم حصول الطهارة بالغسل به هنا ، إذ هو أولى من القسم الأول الذي قد عرفت نسبة منع حصول طهارته به إلى المعروف بين المتأخرين منهم ، خصوصا مع قصور أسانيد تلك الأخبار ـ يدفعه وضوح عدم تحقق شهرة معتد بها لدى المتصفح لكلماتهم فضلا عن الإجماع ، بل ربما كان معروفية إطلاق حصول الطهارة بالغسل من غير تعرض لأفراد الغسل شاملا لما نحن فيه ، بل قد يظهر من الذخيرة كونه المعروف بين الأصحاب حيث نسب روايتي اللحم إلى عملهم بهما وشهرتهما بينهم.
وأوضح منه ما في الحدائق حيث قال بعد ذكرهما : « وظاهر الأصحاب من غير خلاف القول بمضمونهما » وان استشكل هو بعد ذلك في إطلاق ذلك ، لكن الإنصاف أن الظاهر إرادتهما من ذلك قبول التطهير في الجملة ، لا خصوص حصول الغسل بالقليل.
نعم عن نهاية الفاضل إطلاق طهارتهما بالغسل ، كما انه في المنتهى حكى عن أبي يوسف أن الحنطة والسمسم والخشبة إذا تنجست بالماء النجس واللحم إذا كان مرقه نجسا تطهر بأن يغسل ثلاثا ويترك حتى يجف كل مرة ، فيكون كالعصر ، ثم قال بعده :