واستبعاد الأول باعتبار الإسكار في مفهوم الخمر ، وهو مفقود هنا بل هو مفروض محل النزاع ، إذ لا إشكال في نجاسته معه لعموم الأدلة يدفعه إمكان منع الاعتبار أولا وان كان هو وجه تسميته ، بل قد تشعر بعض الأخبار (١) بأن وجهها تحقق الاختمار في ثمرتي الكرم والتمر بسبب جريان بول عدو الله إبليس في عروقهما.
وثانيا منع عدم تحقق الإسكار فيه حتى بالكثير منه ، نعم هو لم يكن معروفا بذلك ، ولعله هو منشأ حرمته في علم الله ان لم يكن الظاهر.
بل ربما يومي اليه ما ذكره العامة (٢) في بدو أمر الطلاء ، وهو المطبوخ من عصير العنب « ان عمر حين قدم إلى الشام شكى إليه أهلها وباء الأرض ، وقالوا : لا يصلحنا إلا هذا الشراب ، فقال : اشربوا العسل ، فقالوا : ما يصلحنا العسل ، فقال رجل من أهل الأرض : هل لك أن نجعل لك من هذا الشراب شيئا لا يسكر؟ فقال : نعم ، فطبخوه حتى ذهب منه الثلثان فأتوا به عمر ، فأدخل فيه إصبعه ثم رفع يده فتبعها مططا ، فقال : هذا الطلاء مثل طلاء الإبل ، فأمرهم أن يشربوه ، ثم كتب إلى الناس أن اطبخوا شرابكم حتى يذهب منه نصيب الشيطان » إلى آخره.
وكذا خبر عمر بن يزيد (٣) قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : الرجل يهدى اليه البختج من غير أصحابنا ، فقال : إن كان ممن يستحل المسكر فلا تشربه وإن كان ممن لا يستحل شربه فاقبله أو قال : فاشربه » الحديث. والبختج العصير المطبوخ.
وقال العلامة الطباطبائي في مصابيحه بعد أن فرغ من بيان حرمة المطبوخ من
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٢ ـ من أبواب الأشربة المحرمة ـ الحديث ٣.
(٢) الغدير للأميني ج ٦ ص ٢٦٠ من طبعة طهران عن الموطإ للمالك ج ٢ ص ١٨٠ في جامع تحريم الخمر.
(٣) الوسائل ـ الباب ـ ٧ ـ من أبواب الأشربة المحرمة ـ الحديث ١.