واللون قد ينافيه ، اللهم إلا أن يدعى بعد الفرض المذكور فيها بخلافه فيه ، فإنه كثيرا ما يشتبه اللون بالعين ، ولعله لذا أيضا قال في القواعد : « ويكفي أي في التطهير إزالة العين والأثر وان بقيت الرائحة واللون ، لعسر الإزالة كدم الحيض » حيث قيد اللون بالعسر دونها إلا أن يريد تقدير ذلك فيها أيضا ، فيفهم منه حينئذ وجوب إزالتها مع عدم العسر كاللون ، لكنه على كل حال قاطع فيها وفي المنتهى بعدم وجوب إزالتهما مع العسر من غير فرق بينهما ، إلا أنه في المحكي من نهايته الفرق بينهما ، حيث قطع بعدم وجوب الإزالة فيه إذا كان عسر الزوال دونها ، فقال : الأقرب ذلك ، وهو مشكل ، وربما علل بوجود النص فيه بخلافها ، وفيه ما عرفت من وجوده فيه أيضا.
بل الأولى الاعتذار عنه بأنه في هذا الكتاب لم يسلك مسلك غيره من التحقيق والتدقيق حتى يستحق التوجه إلى مراعاة هذه الدقائق فيه ، بل كان قصده فيه تكثير الوجوه والاحتمالات والإشكالات كما لا يخفى على الممارس له ، ومن ذلك قوله بعد ما حكيناه عنه : « ولو بقي اللون والرائحة وعسر إزالتهما ففي الطهارة إشكال ينشأ من قوة دلالة بقاء العين ، ومن المشقة المؤثرة مع أحدهما ، فيعتبر معهما » إذ هو كما ترى لا ينبغي الإشكال فيه بعد أن اختار عدم وجوب إزالة اللون والرائحة مع عسر الإزالة ، واحتمال مدخلية الاجتماع لا ينبغي أن يصغى اليه.
وكيف كان فلم نعرف له حجة على دعواه في كتبه الثلاثة إذا لم ينزل على المختار إلا الأصل الذي قد عرفت حاله مما تقدم ، كدعوى دلالة اللون أو هو والريح على العين ، وما عساه يظهر من أخبار صبغ أثر دم الحيض بالمشق من وجوب الإزالة مع الإمكان ، وان لم يتمكن من ذلك احتال بالصبغ ، بل قد يدعى ظهورها في شدة الاهتمام