ومن إطلاق باقي النصوص (١) ومناسبته لسهولة الملة وسماحتها ، بل ولحكمة أصل مشروعية هذا الحكم من التخفيف ونحوه ، بل في التكليف بوجوب إزالة ذلك من العسر والحرج ما لا يخفى ، بل يمكن دعوى تعذره عادة ، بل يمكن دعوى ظهور سائر النصوص في ذلك ، بل يمكن تنزيل خبر الخصم على ذلك أيضا بأن يراد من الأثر الأجزاء التي لا يعتاد بقاؤها ، ولا يصدق عرفا ذهاب تمام العين مع وجودها ، لا الأثر بالمعنى السابق ، كما عساه يومي اليه صحيح هذا الراوي (٢) بعينه الآخر المتقدم آنفا المشتمل على حكم ما نحن فيه مع الاستنجاء الظاهر في مساواتهما في كيفية التطهير ، وقد عرفت في ذلك الباب عدم وجوب إزالة الأثر ، بل مع قطع النظر عن هذا الصحيح يمكن للفقيه الماهر بملاحظة ما تقدم هناك تحصيل الظن إن لم يكن القطع بمساواتهما في ذلك ، وانه به يفرق بينه وبين التطهير بالماء ، بل بدونهما يمكن القطع إذا لا حظ السيرة وتعذر إزالة تلك الأجزاء أو تعسرها ، خصوصا ما يكون في الشقوق منها ، كتعذر العلم بذلك أو تعسره بالحكم المذكور ، سيما مع ملاحظة عدم شيء من هذه المداقة في النصوص ، بل ظاهر الاكتفاء بها بالخمسة عشر ذراعا ونحوه خلافه ، بل لعل التأمل فيها مع الاستقامة يشرف الفقيه على القطع بذلك ، فلا ريب أن الأقوى الثاني.
هذا كله إن كانت عين النجاسة موجودة فيما يراد تطهيره ، أما إذا لم تكن بل كانت نجاسة حكمية خاصة كفى في الطهارة مجرد المماسة كما صرح به الطباطبائي في منظومته ، والأستاذ في كشفه ، بل اليه يرجع ما في المعتبر والمنتهى والذكرى والذخيرة وغيرها من التصريح بعدم اشتراط جرمية النجاسة وجفافها في الطهارة ، بل ظاهر نسبة الخلاف في أكثرها إلى بعض الجمهور خاصة عدمه بيننا ، بل الإجماع عليه عندنا ، ولعله لإطلاق الأدلة وأولويتها من العينية ، وفحوى الاكتفاء به في الاستنجاء ، بل هي هي وزيادة.
__________________
(١) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب النجاسات.
(٢) الوسائل ـ الباب ـ ٣٢ ـ من أبواب النجاسات ـ الحديث ١٠.