ولا يرجع بشيء أصلا مما يساويها ، فان غير المأذون في المساوي إنما هو القدر الذي تنتفي الفائدة معه ، لا جميع المبذول ، ولم أقف في هذا الحكم على شيء فينبغي تحريره.
قلت : قد يقال : إن الوديعة إن كانت عينا كفرس وكتاب ونحوهما يمكن تعلق غرض المودع بها عينا ، فلا ريب في أن المتجه جواز الرجوع ، وإن بذل تمام القيمة. أما إذا لم تكن كذلك فلعل المدار على عدم المفسدة على المودع ، لا اعتبار المصلحة ، فيرجع حينئذ على التقديرين بتمام ما بذل وإن كان مستوعبا ، ولو توقف حفظهما على الكذب جاز بل وجب ، وإلا كان ضامنا.
نعم لو تمكن من التورية المخرجة له عن الكذب عند المخاطب وجب أيضا ، لتمكنه من امتثال التكليفين ، وإلا ورى بما يخرج به عنه في نفسه ، بأن يقصد نفي الوديعة مثلا يوم كذا أوفي مكان كذا ، بل لو أنكرها فطولب باليمين ظلما جاز الحلف ولو بالبراءة أو يمين الصادق المعروفة ، بل وجب ، فان لم يفعل ضمن.
ولكن يحلف موريا بما يخرج به عن الكذب على الوجه الذي عرفته مع الإمكان ، لعدم حرمته حينئذ ، فلا إشكال فيه من أصله ، ضرورة اقتضاء باب المقدمة وجوبه ، لا أنه في هذا المقام محرم جاز للمقدمة ، وكان ذلك هو الوجه في اقتصارهم على الكذب دون غيره من المحرمات ، وإلا فمن المعلوم سقوط مقدمة كل واجب مع فرض توقفها على المحرم ، وخصوصا إذا كان محرما أصليها ، والمعارض له واجب مقدمي كما هو واضح.
ومن هنا لم يذكروا إباحة غيره من المحرمات مع توقف حفظ الوديعة عليها ، من غير فرق بين كونها متعلقة بالخالق أو المخلوق.
وكيف كان هي أي الوديعة عقد جائز من طرفيه بلا إشكال ولا خلاف ، بل الإجماع بقسميه عليه ، وهو الحجة في تخصيص الآية وغيرها من أدلة اللزوم ، وحينئذ فيبطل بموت كل واحد منهما وبجنونه وإغمائه ، ونحو ذلك مما يخرج به ماله عن ملكه ، أو ولايته عنه كما هو الشأن في نحوه من العقود الجائزة للإجماع ، أو لأنه بالموت ينتقل المال عن المودع ، كما أنه لا عقد مع وارث