من المطلقات أجمع ، حتى الخبر المزبور ، بشهادة ما في بعضها من التعليل الذي لا ينطبق إلا على إرادة ما إذا كان منها ، فلا محيص للفقيه حينئذ عن ذلك.
وقد ظهر من جميع ما قررنا وجه الحكم بالحرمة فيما إذا كان منها ، بل أو من غيرها المعين ، وعدمها فيما إذا لم يكن من جنس ما تزرع فيه ، كما لو استأجرها بشعير في الذمة وزرعها حنطة ، بلا خلاف ولا إشكال ، وأن الأصح عدمها أيضا فيه ، وإن كان هو مكروها للصحيح السابق ، بل لا يبعد القول بالكراهة في مطلق استيجارها بالطعام بناء على التسامح فيها فيكفي حينئذ احتمال ارادته من المطلقات والله العالم.
وكذا يكره أن يؤجرها بأكثر مما استأجرها به ، إلا أن يحدث فيها حدثا أو يؤجرها بجنس غيره عند جماعة ، بل المشهور لكن قد أشبعنا الكلام في ذلك في كتاب الإجارة ، فلاحظ وتأمل.
الشرط الثاني تعيين المدة بلا خلاف معتد به ، بل لعل الإجماع عليه بناء على عموم النهي عن الغرر ، ووروده على أدلة المقام ولو لرجحانه عليها ، لكون المزارعة كالإجارة في المعنى ، لا كالقراض الذي هو عقد جائز لا فائدة لضرب الأجل فيه بالنسبة إلى جواز الفسخ ، واحتمال المزارعة الغرر بالنظر إلى الحصة لا يقتضي احتمالها إياه من غير هذه الجهة ، وكون الزرع له أمد ، لا يكتفي به في تعيين الأجل بعد فرض اعتباره ، كما في غيرها من الإجارة ونحوها.
مضافا إلى خبر أبي الربيع الشامي (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام « سألته عن أرض يريد رجل أن يتقبلها فأي وجوه القبالة أحل قال : يتقبل الأرض من أربابها بشيء معلوم إلى سنين مسماة فيعمر ويؤدى الخراج فان كان فيها علوج فلا يدخل العلوج في قبالة الأرض فإن ذلك لا يحل » بناء على إرادة المزارعة من القبالة فيه أو ما يشملها.
ومنه يعلم وجه دلالة صحيح الحلبي (٢) عنه أيضا « أن القبالة أن تأتي الأرض
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب أحكام المزارعة الحديث ـ ٥.
(٢) الوسائل الباب ـ ١٨ ـ من أبواب أحكام المزارعة الحديث ٤ باختلاف يسير.