وحينئذ فلا بد لعارية المنحة من دليل ، وليس إلا الإجماع إن تم ، إذ لم نجد في شيء من نصوصنا الدالة عليها.
نعم في التذكرة الاستدلال عليها بما عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم (١) « العارية مؤداة ، والمنحة مردودة ، والدين يقضى ، والغريم غارم » وهو مع أنه من طرق العامة لا دلالة فيه الا على مشروعية المنحة التي يمكن استفادتها من السيرة المستقيمة أيضا ، وهو لا يقتضي كونها عارية ، بل لعله ضرب من الإباحة ، بل لعل الخبر المزبور ظاهر في كونها ليست من العارية ، وأغرب من ذلك الاستدلال عليه بحسن الحلبي عن الصادق عليهالسلام (٢) « في الرجل يكون له الغنم يعطيها بضريبة سنة شيئا معلوما أو دراهم معلومة من كل شاة كذا وكذا قال : لا بأس بالدراهم ولست أحب أن يكون بالسمن » وصحيح ابن سنان (٣) « سأله أيضا عن رجل دفع الى رجل غنمه بسمن ودراهم معلومة ، لكل شاة كذا وكذا في كل شهر ، قال : لا بأس بالدراهم وأما السمن فما أحب ذلك الا أن تكون حوالب فلا بأس بذلك » بتقريب أنه إذا جاز مع العوض فبدونه أولى ، إذ هو كما ترى لا يقتضي الجوار عارية ، كما أن جوازه مع العوض إما لكونه قسما من الصلح ، أو أن ذلك بخصوصه مشروع.
وعلى كل حال فلا دليل سوى الإجماع المدعي إن تم ، وظني أنه مأخوذ من معلومية مشروعية المنحة من الفتاوى والسيرة المستمرة لكنه كما عرفت لا يقتضي الجواز عارية ، ولعله قسم من الإباحة ، وحينئذ يتجه التعدي إلى غير الشاة ، كما هو المتعارف في هذا الزمان في البقر ، وإلى غير اللبن كالصوف والشعر والوبر ، أما على العارية فلا وجه للتعدي المزبور مع مخالفته للضابط السابق ، كما لا يتعدى من جوازه عارية إلى جوازه إجارة ، بعد اتحادها مع العارية في الضابط السابق ، وربما تختص الإجارة بالجواز للرضاع في الإنسان بخلاف العارية ، فلا يجوز استعارة الأمة له حينئذ ، وإن جاز استيجارها ، وأغرب من ذلك ما عن الغنية في باب الهبة « ومن
__________________
(١) المستدرك ج ٢ ص ٤٨٩ وفيه والدين مقضي.
(٢) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب عقد البيع وشروطه الحديث ـ ١.
(٣) الوسائل الباب ـ ٩ ـ من أبواب عقد البيع وشروطه الحديث ـ ٤.