ودفعه في المسالك بما حاصله من أنه يرجع في مثل سكنى الدار إلى العارية ، وإن عبر عنها بلفظ الإجارة ، لأن التصريح بعدم الأجرة أقوى من الظهور المستفاد من لفظ الإجارة ، والنص مقدم على الظاهر ، فيحكم بأنه عارية ، إذ هي لا تنحصر في لفظ ، بل يكفى فيها كل ما دل على التبرع بالمنفعة ، مضافا إلى اعتضاد ذلك بأصل البراءة.
بل فيها الاعتراض على ما ذكره أخيرا بأنه قد لا يكون متبرعا ، كما لو أمره المستأجر ، فإن مقتضى الفساد عدم تأثير ما وقع من اللفظ ، وحينئذ فلا يتحقق التبرع إلا مع عمل الأجير من غير سؤال ، وإلا فينبغي مع عدم ذكر الأجرة ثبوت أجرة المثل كما هو شأن الآمر لغيره بعمل من غير عقد ، ثم قال : فإن قلت : أي فائدة في تسمية هذا عقدا فاسدا مع ثبوت هذه الأحكام ، وإقامته مقام العارية ، قلت : فساده بالنسبة إلى الإجارة بمعنى عدم ترتب أحكامها اللازمة لصحيح عقدها ، كوجوب العمل على الأجير ونحوه ، لا مطلق الأثر.
قلت : هذا كما يرد عليه يرد على الشهيد أيضا الذي قد استحسن كلامه أولا فإن مدركه ذلك ، بل هو أولى به منه ، لظهور كلام الكركي في اشتراط عدم الأجرة فوجود الأمر حينئذ وعدمه على حد سواء ، لا فيما إذا لم يذكر أجرة ، بخلاف كلام الشهيد ، مع أنه يمكن دفعه عنه أيضا أولا بأن محل كلامه العمل من حيث العقد ، ففرض الأمر خروج عن البحث ، وثانيا بأن الأمر بالعمل من حيث العقد لا يجدى ، إذ هو حينئذ من توابع العقد الفاسد الذي فرض عدم الأجرة لو أوقع الفعل بعنوان أنه مقتضاه.
بل قد يناقش في دفعه الأول ـ مع أنه لا يتم فيما إذا لم يذكر الأجرة ـ بأن محل البحث ما علم قصد الإجارة منه ، ولو للجهل بأن العوض من مقوماتها ، أو للإيداع أو لغير ذلك لا ما إذا ذكر ذلك ولم يعلم قصده ، مع أن تنزيله على العارية على هذا الفرض ليس بأولى من حمله على التجوز ، في استعمال لفظ الإجارة الموضوع لتمليك