وكذلك العين في العارية ، فمع فرض عدم الأمانة لما سمعته من تقييد الإذن بالصحة المفروض انتفاؤها يتجه ما نسباه إلى الأصحاب من الضمان حينئذ ، خصوصا مع علم المستأجر بالفساد وخصوصا إذا كان الفساد من جهة الغصب ونحوه ، لكن ومع ذلك فالإنصاف أنه لا يخلو دعوى عدم الأمانة مطلقا حتى في صورة الجهل منهما من بحث ونظر ، كما هو واضح والله العالم.
ويكره أن يستعمل الأجير قبل أن يقاطع على الأجرة بلا خلاف أجده على الظاهر في الجواز المستفاد منه. نعم عبر في النافع واللمعة وغيرهما بالاستحباب نحو ما عن النهاية والسرائر من أنه ينبغي للإنسان أن لا يستعمل أحدا إلا بعد أن يقاطعه على أجرته ، فإن لم يفعل ترك الاحتياط المبني على الظاهر على استحباب ترك المكروه ، وهو كذلك بناء على إرادة الرجحان منه ، إذ لا ريب في رجحان امتثال خطاب الكراهة.
والأمر سهل بعد انحصار الدليل في خبر مسعدة بن صدقه (١) عن أبي عبد الله عليهالسلام « من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يستعمل أجيرا حتى يعلمه ما أجره ».
وصحيح سليمان بن جعفر الجعفري (٢) « أن مولانا الرضا عليهالسلام ضرب غلمانه وغضب غضبا شديدا حيث استعانوا برجل في عمل وما عينوا له أجرته فقال له سليمان : جعلت فداك لم تدخل على نفسك فقال : اني قد نهيتهم عن مثل هذا غير مرة ، واعلم أنه ما من أحد يعمل لك شيئا من غير مقاطعة ثم زدته لذلك الشيء ثلاثة أضعاف على أجرته إلا ظن أنك قد نقصته أجرته ، وإذا قاطعته ثم أعطيته أجرته ، حمدك على الوفاء ، فإن زدته حبة عرف ذلك لك ، ورأى أنك قد زدته » المحمولين على الكراهة.
ومنهما حينئذ مع السيرة وإطلاق الفتوى يستفاد جواز ذلك وإن لم يكن له أجرة معينة في العادة ، يجوز اتكالا على أجرة المثل ، إلا أن ذلك قد ينافيه اشتراط المعلومية في الأجرة ، اللهم إلا أن ينزل على اختصاص ذلك بالعقد والمعاطاة بناء
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب أحكام الإجارة الحديث ـ ٢.
(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب أحكام الإجارة الحديث ـ ١.