وبهذا صرح في القواعد.
وإليه أشار المصنف بقوله وهل له أن يلتزم ويطالب المؤجر بالتفاوت فيه تردد مما عرفت ، والأظهر نعم.
بل إن لم يكن إجماعا أمكن القول بلزوم ذلك عليه ، لأصالة اللزوم وليس له إلا المنفعة التي قد فوتها عليه المالك الغاصب ، فله قيمتها ، كما أن للموجر المسمى ، إلا أنه لما كانت الإجارة من عقود المعاوضة التي تقتضي عوضية ملك بملك ، وقبضا بقبض ، إلا أن الثاني منهما لما كان غير معتبر في الصحة يجبر الشارع من فاته منهما بالخيار ما لم تكن تلفا سماويا كما لا يخفى على من اعتبر ذلك في جميع عقود المعاوضة.
ولعل منه ما لو أتلف المالك المبيع على المشتري قبل قبضه ، فإن المشتري حينئذ بالخيار بين الفسخ وبين الإمضاء ، والمطالبة بالمثل أو القيمة ، وذلك لأنه اجتمع فيه أمران أحدهما تعذر تسليم العوض ، والآخر مباشرة إتلاف مال الغير ، فيتخير في الفسخ نظرا إلى الأمر الأول ، والمطالبة بالقيمة أعني أجرة المثل نظرا إلى الأمر الثاني ، ولو منعه بعد استيفاء بعض المنفعة ، فعن التذكرة الخيار أيضا لكن لا يخلو من نظر ، لأصالة اللزوم ، والفرض حصول قبض المعاوضة.
اللهم إلا أن يقال : إنه لما كان استيفاء المنفعة تدريجيا كان قبضها كذلك لأن حصوله باستيفائها ، فمنعه في الأثناء حينئذ مفوت لقبض المعاوضة في البعض المراد منه والمخاطب به ، فيتسلط حينئذ على الخيار ، لما عرفت ، وبذلك يظهر الفرق بين هذه وبين المسألة الآتية ، وهي منع الظالم في الأثناء.
وكيف كان فـ ( لو منعه ظالم ) عن الانتفاع بالعين ، بأن غصبها منه قبل القبض كان بالخيار بين الفسخ والمطالبة بالمسمى إن كان قد دفعه ، وبين الالتزام والرجوع على الظالم بأجرة المثل عوض ما استوفاه من المنفعة التي هي من أمواله ، لما عرفت من فوات القبض الذي هو مقتضى المعاوضة.
وظاهر المصنف وغيره اختصاص رجوعه بعد الالتزام بالظالم دون الموجر ، وهو