البحث هنا بيان حكم الموضوع واقعا لا حكم التداعي ظاهرا مع أنه يمكن دعوى كون القول قول العامل أيضا لأنه أبصر بنيته ، وكون العادة كذلك لا يقتضي قصد التبرع ، كما أن عدم العادة للعامل في الصورة السابقة التي حكم فيها بالأجرة بلا خلاف في ذلك.
ومن هنا بان لك النظر فيما ذكره الشهيدان وغيرهما من الفرق بين ما في المتن ومحكي التذكرة والتحرير وبين ما في قواعد الفاضل حيث اكتفى في ثبوت الأجرة بكون العمل ذا أجرة في العادة ، كما لو دفع للحداد مثلا سكينا فقال : افتحها ، ولم يكن فتحها من العمل الذي يستأجر عليه عادة لكونه ميسورا بخلاف ما في القواعد.
أما غير هذه الصورة فمقتضاهما نفيا وإثباتا متحد إذ قد عرفت أن عدم الضمان فيما لا اجرة له في العادة ، لعدم اجرة المثل له فلا يتصور ثبوت عوض له في الذمة ، وإن صح مقابلته بالعوض بالتراضي وكون الحداد ناصبا نفسه لأخذ الأجرة لا يقتضي ثبوت أجرة مثل للعمل المدفوعة إليه ، وإن لم يكن له مثل في الخارج ، وكذا الخياط وغيرهما من الصناع فيكون المقصود للمصنف في ذكر الأمرين بيان المفروغية من الصورة الأولى.
وأما الصورة الثانية فهي كذلك أيضا إلا أن فيها احتمال العدم باعتبار عدم كون العامل ممن نصب نفسه لذلك ، حتى يكون قرينة على إرادتها بل لم يصرح أحد منها بها.
بل قد عرفت إمكان فرضها بما إذا خليا في الواقع عن قصدهما ، والأصل البراءة ، إلا أنك قد عرفت ثبوتها لا لأنها من المعاطاة ، فإن الشرائط فيها مفقودة ، بل من باب الضمان لاحترام عمل المسلم ومساواة منافعه مع الاستيفاء لأعيان ماله فيضمن حينئذ بذلك مع الإذن فضلا عن الأمر بأجرة المثل.
والأصل في ذلك أن الموجود في الخلاف والمبسوط الاقتصار على خصوص الصانع