وأما ما ذكره في المسالك في الرد على المحقق الثاني في توجيه كونه مدعيا بأنه « يترك إذا ترك » فهو في محله ، ضرورة أنه يترك مطالبته بالعمل بالنسبة إلى ما ادعاه من الزيادة ، لا غيرها من المدة التي اعترف بثبوتها عليه ، ولو في ضمن الزيادة التي ادعاها كما هو واضح. هذا كله مع قطع النظر عن كلام الأصحاب ، وإلا فلا محيص عن موافقتهم عليه بعد ثبوت إجماعهم عليه ، بل قد يتكلف موافقته للقواعد أيضا بعد التأمل.
وعلى كل حال فإن أقام كل منهما بينة على ما ادعاه ، بني الحكم على تقديم بينة الداخل والخارج ، والأقوى الثاني وهو فيما نحن فيه مدعي الزيادة في المدة والحصة لو لم يكن له البذر وحينئذ متى قامت البينتان على مقدار الحصة قدمت بينة العامل مع فرض خروجه بكون صاحب البذر المالك.
وقيل : يرجعان إلى القرعة التي هي لكل أمر مشكل ولا ريب في أن الأول أشبه بأصول المذهب وقواعده التي منها (١) « البينة على المدعى واليمين على من أنكر » وبها حينئذ يرتفع الإشكال الذي هو وصف موضوع حكم القرعة إنما الكلام في إطلاق المصنف تقديم قول العامل ، وكذا ما في المختلف قال : « لو اختلفا في الحصة فالقول قول صاحب البذر مع يمينه ، فإن أقام كل بينة قدمت بينة العامل ، لأنه الخارج ، ولأن القول قول المالك ، فالبينة بينة العامل ، وقيل : يرجعان إلى القرعة وليس بجيد » ويمكن تنزيله على ما إذا كان المالك صاحب البذر ، أو يقال بتقديم بينة العامل هنا وإن كان صاحب البذر ، لأنه وإن كان داخلا بالنسبة إلى قبول قوله عند عدم البينة ، لأصالة التبعية ، لكنه خارج عند قيام البينة ، لكون صاحب الأرض هو ذو اليد على ما فيها ، والأصل عدم خروج منفعتها إلا بقوله ، فيكون العامل حينئذ خارجا فتأمل جيدا.
المسألة الثالثة : لو اختلفا فقال الزارع : أعرتنيها ، وأنكر المالك حلف على نفي العارية وإن ادعى مع ذلك الحصة أو الأجرة ولا بينة له
__________________
(١) المستدرك ج ٣ ص ١٩٩.