أو بالإطلاق بناء على اقتضائه ذلك كان له عزله وتبطل وكالته بموته وجنونه ، وبعزل الموكل له ، بلا خلاف ولا إشكال ، ضرورة أنه فرعه ، خلافا للمحكي عن الشافعي في أحد قوليه ، فلا ينعزل بعزل الوكيل ، لأن التوكيل فيما يتعلق بالموكل وباذنه يقتضي كون الحق له.
وفيه ما سلف من أن الإذن من الموكل انما هي في صيرورة فعل وكيل الوكيل فعلا له بالواسطة ، فالتوسط حينئذ ملحوظ ، ووكالته مركبة منهما ، فإن مات الموكل أو جن أو أغمي عليه أو عزل الأول بطلت وكالتهما معا وكذا ان مات وكيل الأول أو جن تبطل وكالة الثاني وهذا كله لا إشكال في شيء منه ، إلا في دعوى تعيين المراد من الإطلاق الذي هو إن كان منشؤه الانسياق منه عرفا أمكن منعه ، وأنه إلى الإجمال أقرب من ذلك ، حتى التغيير الذي لم نجد به قائلا إلا دعوى ظهور عبارة المصنف ، واستقربه في المسالك إن كان قولا.
قال : « فإن العبارة على تقدير انحصار الأمر في الوجهين الأولين يمكن حملها على ما يوافقهما ، بأن يجعل قوله « فإن وكل عن موكله » بأن كان مضمون توكيل الموكل له ذلك ، وكذا القسم الآخر إلا أنه لا ضرورة إلى ذلك ، فإن المسألة محتملة ، والوجه ليس أبعد منهما ».
قلت : ما ذكره في حمل العبارة لا يصلح لتنزيل الإطلاق عليه ، بل يكون مبنيا على تصريح الموكل له بذلك ، وهو ليس محلا للبحث ، كما ان دعوى عدم بعده لا يقتضي رجحانه على غيره مع ان كلا منهما مفهوم مغاير للآخر ، وإرادتهما معا خصوصية كخصوصية أحدهما ، ولذا حكموا ببطلان التوكيل بعدم ذكر الموكل فيه ، ولم ينزلوا ذلك على الإطلاق الذي هو أحد الأفراد ، ولذا كان مجملا.
وما نحن فيه وإن لم يكن كذلك باعتبار ذكر المتعلق ، وهو توكيل الغير ، إلا أنه قريب منه باعتبار عدم ذكر الموكل عنه أنه الموكل أو الوكيل ، أو كل منهما ، ولم يستعمل لإرادة الإطلاق ، بل ولا يفهم منه إلا بالقرينة الدالة على ذلك ،