نعم يبقى شيء ، وهو أن قضية ما ذكرنا عدم صحة المزارعة على الأرض المستعارة ولو للزراعة على وجه يملك المستعير الحصة على المزارع ، لعدم الملك عينا ومنفعة وانتفاعا ، فإذا وقعت المزارعة منه حينئذ فهي في الحقيقة للمالك ، وإن قصد بها نفسه فأرض الخراج التي يفوض أمرها الجائر مثلا إلى شخص مثلا على أنها له إذا زارع عليها ، لا يملك الحصة ، ضرورة عدم ملك العين أو المنفعة أو الانتفاع بذلك ، بل تكون الحصة حينئذ للمسلمين ، على فرض صحة المزارعة.
نعم إذا استمر الجائر على الإباحة إلى قبض الحاصل ، كان الملك حينئذ بذلك ، لا بالمزارعة ، فتأمل جيدا.
وعلى كل حال فـ ( هو ) أي عقد المزارعة عقد لازم بلا خلاف بل لعل الإجماع بقسميه عليه ، لقاعدة اللزوم المستفادة من آية ( أَوْفُوا ) وغيرها فـ ( لا ينفسخ ) حينئذ اختيارا إلا بالتقايل المطلقة أدلته ، أو باشتراط الخيار ونحوه. نعم قد تنفسخ قهرا بخروج الأرض عن الانتفاع ونحوه ، ولا يبطل بموت أحد المتعاقدين كغيره من العقود اللازمة ، فإذا مات رب الأرض انتقل حكم العقد إلى وارثه ، وإذا مات العامل قام وارثه مقامه ، أو استؤجر من ماله ـ ولو الحصة المزبورة ـ على إتمام العمل.
ولكن في المسالك وغيرها أنه ربما استثني من ذلك ما إذا شرط المالك على العامل العمل بنفسه ، فإنها حينئذ تبطل بموته ، قال : « ويشكل لو كان موته بعد خروج الثمرة ، لأنه حينئذ قد تملك الحصة وإن وجب عليه بقية العمل ، فخروجها عن ملكه بعد ذلك بعيد ، نعم لو كان قبله اتجه ».
قلت : قد يقال بأن الملك حينئذ وإن حصل ، لكنه متزلزل إلى حصول تمام العمل ، نحو ملك العامل في المضاربة في بعض الأحوال ، بل الظاهر حينئذ البطلان والرجوع إلى أجرة المثل على فرض القول باحترام عمله في هذا الحال ، ولا يقسط على الحصة ، وإن قلنا به في الإجارة على العمل المشروط فيه المباشرة ، لعدم ظهور