عليك جريانه في المقام ، بناء على اتحاد المزارعة والمساقاة بالنسبة إلى ذلك.
نعم يمكن الفرق بينهما بأن في النصوص السابقة هناك ما ينافي اعتباره بالمعنى المذكور بخلافه هنا ، فإنه ليس في أدلة مشروعيتها إلا الإشاعة في الجميع عدا قوله تعالى (١) ( أَوْفُوا ) (٢) و ( إِلاّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ ) وقد عرفت سابقا الإشكال في إثبات شرعية الفرد المشكوك فيه من المعاملة المتعارفة المعلوم شرعية غيره من أفرادها ، اللهم إلا أن يؤخذ على طريق الشرطية كي يستدل حينئذ على مشروعيته بأدلة الشرائط ، لا على وجه الجزئية في عقد المساقاة كما أومأنا إليه في المزارعة فلاحظ وتأمل.
وكيف كان فلا خلاف ولا إشكال في أنه يجوز أن يفرد كل نوع بحصة مخالفة للحصة من النوع الأخر كالنصف من ثمرة النخل ، والربع من الكرم مثلا لعدم منافاته للإشاعة في مجموع الفائدة ، لكن إذا كان العامل عالما بمقدار كل نوع من النوعين حذرا من الغرر والجهالة ، فإن المشروط فيه أقل الأمرين قد يكون أكثر الجنسين.
لكن لا يخفى عليك تحقق الجهالة أيضا مع عدم إفراد كل نوع بحصة ، بل كانت في الجميع متحدة ، فما عساه يظهر من العبارة من اختصاص اشتراط ذلك في صورة الإفراد خاصة لا يخلو من نظر ، اللهم إلا أن يدعى باستفادة اغتفار الجهالة في الثاني ، دون الأول من الأدلة ، إلا أنه كما ترى ، أو يقال ، إن الجهل الناشي من الافراد غير الجهل ، بأصل الحديقة ، فقد يعلم بها من حيث المساقاة عليها بالنصف من حاصلها أجمع ، وإن لم يعلم مقدار كل نوع منها ، بخلاف ما لو أفرد كل نوع بحصة مخالفة للحصة من الآخر فتأمل فإنه لا يخلو من دقة والله العالم.
ولو شرط مع الحصة من النماء ملك حصة من الأصل الثابت لم يصح لأن الثابت من مقتضى المساقاة جعل الحصة من الفائدة خاصة دون غيرها
__________________
(١) سورة المائدة الآية ـ ١.
(٢) سورة النساء الآية ـ ٢٩ ـ.