وأما إذا كانت الإشاعة في الجملة محققة ولكن بعد استثناء شيء معين كما لو شرط أحدهما قدرا من الحاصل وما زاد عليه بينهما فإنه لم يصح أيضا عند المصنف وجماعة ، بل ربما قيل : إنه المشهور ، سواء كان مقدار البذر أو غيره لا لجواز أن لا تحصل الزيادة فيبقي الأخر بلا شيء ، إذ يمكن فرضه فيما يكون الغالب عادة حصولها ، بل لمنافاته الثابت من شرع المزارعة الذي هو كون النماء جميعه مشاعا بينهما ، خلافا لما عن الشيخ وجماعة من جواز اشتراط مقدار البذر بل عن الفاضل جواز استثناء شيء مطلقا ، ورجحه في الكفاية ، ولعله للعمومات والإطلاقات بعد منع ظهور ما دل على شرعية المزارعة في إشاعة جميع الحاصل بينهما بل ربما كان الظاهر منه خلاف ذلك ، خصوصا إذا كان الاستثناء لأجنبي عنهما ، ولعل منه استثناء قدر معين لخراج السلطان ، كما أن من الأول استثناء مقدار ما يصرف على عمارتها أو لا ثم قسمة الحاصل بينهما.
بل لعل خبر إبراهيم الكرخي (١) كالصريح في أن المدار على الشرط ، قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : أشارك العلج فيكون من عندي الأرض والبذر والبقر ، ويكون على العلج القيام والسقي والزرع حتى يصير حنطة أو شعيرا ، وتكون القسمة فيأخذ السلطان حقه ، ويبقى ما بقي ، على أن للعلج منه الثلث ، ولي الباقي قال : لا بأس بذلك ، قلت : فلي عليه أن يرد على مما أخرجت الأرض البذر ، ويقسم ما بقي ، قال : إنما شاركته على أن البذر من عندك ، وعليه السقي والقيام ».
كظهور خبر يعقوب بن شعيب (٢) في استثناء غير ذلك « قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل تكون له الأرض من أرض الخراج فيدفعها إلى الرجل على أن يعمرها ويصلحها ، ويؤدي خراجها ، وما كان من فضل فهو بينهما ، قال : لا بأس » إلى غير ذلك من النصوص على اختلافها في الظهور والاشعار بجواز ذلك الذي هو في الحقيقة لا ينافي الإشاعة ، خصوصا إذا كان لأجنبي ، وإن نافى كونه بينهما.
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب أحكام المزارعة والمساقاة ، الحديث ـ ١.
(٢) الوسائل الباب ـ ١٠ ـ من أبواب أحكام المزارعة والمساقاة الحديث ـ ٢ ـ.