ذلك ، ولازمه أن يكون الورود في جميع هذه الموارد من علم أو كسب أو شغل أو تربية ونحو ذلك كلها فضلاً لها تتفاضل به ، وفخراً لها تتفاخر به ، وقد جوّز الإسلام بل ندب إِلى التفاخر بينهن ، مع أن الرجال نهوا عن التفاخر في غير حال الحرب .
والسنة النبوية تؤيد ما ذكرناه ، ولولا بلوغ الكلام في طوله إِلى ما لا يسعه هذا المقام لذكرنا طرفاً من سيرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مع زوجته خديجة ومع بنته سيدة النساء فاطمة (ع) ومع نسائه ومع نساء قومه وما وصى به في أمر النساء والمأثور من طريقة أئمة أهل البيت ونسائهم كزينب بنت علي وفاطمة وسكينة بنتي الحسين وغيرهن على جماعتهم السلام ، ووصاياهم في أمر النساء . ولعلنا نوفق لنقل شطر منها في الابحاث الروائية المتعلقة بآيات النساء فليرجع المراجع اليها .
واما الأساس الذي بنيت عليه هذه الأحكام والحقوق فهو الفطرة ، وقد علم من الكلام في وزنها الاجتماعي كيفية هذا البناء ونزيده هىهنا إِيضاحاً فنقول :
لا ينبغي أن يرتاب الباحث عن أحكام الاجتماع وما يتصل بها من المباحث العلمية أن الوظائف الاجتماعية والتكاليف الاعتبارية المتفرعة عليها يجب انتهائها بالأخرة إِلى الطبيعة ، فخصوصية البنية الطبيعية الإنسانية هي التي هدت الانسان الى هذا الاجتماع النوعي الذي لا يكاد يوجد النوع خالياً عنه في زمان ، وإِن أمكن أن يعرض لهذا الاجتماع المستند الى اقتضاء الطبيعة ما يخرجه عن مجرى الصحة إِلى مجرى الفساد كما يمكن أن يعرض للبدن الطبيعي ما يخرجه عن تمامه الطبيعي إِلى نقص الخلقة ، أو عن صحته الطبيعية الى السقم والعاهة .
فالاجتماع بجميع شؤنه وجهاته سواء كان اجتماعاً فاضلاً أو اجتماعاً فاسداً ينتهي بالاخرة الى الطبيعة وان اختلف القسمان من حيث ان الاجتماع الفاسد يصادف في طريق الانتهاء ما يفسده في آثاره بخلاف الاجتماع الفاضل .
فهذه حقيقة ، وقد أشار اليها تصريحاً أو
تلويحاً الباحثون عن هذه المباحث وقد سبقهم الى بيانه الكتاب الالهي فبينه بأبدع البيان ، قال تعالى : « الَّذِي
أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ
» طه ـ ٥٠ ، وقال تعالى : « الَّذِي
خَلَقَ فَسَوَّىٰ وَالَّذِي قَدَّرَ
( ٢ ـ الميزان ـ ١٨ )