هو الكرسي على ما يستظهر .
وربما لوح اليه أيضاً قوله تعالى فيها : يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ، حيث جعل المعلوم : ما بين أيديهم وما خلفهم ، وهما أعني ما بين الايدي وما هو خلف غير مجتمع الوجود في هذا العالم المادي ، فهناك مقام يجتمع فيه جميع المتفرقات الزمانية ونحوها ، وليست هذه الوجودات وجودات غير متناهية الكمال غير محدودة ولا مقدرة وإِلا لم يصح الاستثناء من الاحاطة في قوله تعالى : ولا يحيطون بشيء من علمه إِلا بما شاء ، فلا محالة هو مقام يمكن لهم الإحاطة ببعض ما فيه ، فهو مرحلة العلم بالمحدودات والمقدرات من حيث هي محدودة مقدرة والله أعلم .
وفي التوحيد عن حنان قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن العرش والكرسي فقال عليهالسلام إِن للعرش صفات كثيرة مختلفة له في كل سبب وصنع في القرآن صفة على حدة ، فقوله : رب العرش العظيم يقول : رب الملك العظيم ، وقوله : الرحمن على العرش استوى ، يقول : على الملك احتوى ، وهذا علم الكيفوفية في الاشياء ، ثم العرش في الوصل مفرد عن الكرسي ، لانهما بابان من اكبر ابواب الغيوب ، وهما جميعاً غيبان ، وهما في الغيب مقرونان ، لان الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب الذي منه مطلع البدع ومنه الاشياء كلها ، والعرش هو الباب الباطن الذي يوجد فيه علم الكيف والكون والقدر والحد والمشية وصفة الإرادة وعلم الالفاظ والحركات والترك وعلم العود والبدء ، فهما في العلم بابان مقرونان ، لان ملك العرش سوى ملك الكرسي ، وعلمه أغيب من علم الكرسي ، فمن ذلك قال : رب العرش العظيم ، أي صفته أعظم من صفة الكرسي ، وهما في ذلك مقرونان : قلت : جعلت فداك فلم صار في الفضل جار الكرسي ، قال عليهالسلام : إِنه صار جارها لان علم الكيفوفية فيه ، وفيه الظاهر من ابواب البداء وإِنيتها وحد رتقها وفتقها ، فهذان جاران أحدهما حمل صاحبه في الظرف ، وبمثل صرف العلماء ، وليستدلوا على صدق دعواهما لانه يختص برحمته من يشاء وهو القوي العزيز .
أقول
: قوله عليهالسلام
: لان الكرسي هو الباب الظاهر من الغيب ، قد عرفت الوجه فيه إِجمالاً ، فمرتبه العلم المقدر المحدود أقرب إِلى عالمنا الجسماني
المقدر المحدود