ولمّا كان للعلم أوعية ومعادن نهاهم عن أخذ العلم من غير أهله فقال عليهالسلام : اطلبوا العلم من معدن العلم وإيّاكم والولائج فهم الصادّون عن الله (١).
أقول : إننا لنجد عيانا أن المتعلّم يتغذّى بروح معلّمه ، ويتشبّع بتعاليمه ، فالتلميذ الى الضلالة أدنى إن كان المعلّم ضالاّ ، والى الهداية أقرب إن كان هاديا ، لأن غريزة المحاكاة تقوى عند التلميذ بالقياس الى معلّمه.
وما حثّ على طلب العلم فحسب ، بل أراد منهم اذا تعلّموه أن يعملوا به فقال عليهالسلام : تعلّموا العلم ما شئتم أن تعلموا فلن ينفعكم الله بالعلم حتّى تعملوا به ، لأن العلماء همّهم الرعاية ، والسفهاء همّهم الرواية (٢) وقال : العلم الذي لا يعمل به كالكنز الذي لا ينفق منه أتعب نفسه في جمعه ولم يصل الى نفعه (٣) وقال : مثل الذي يعلم الخير ولا يعمل به مثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه (٤) وقال : إن العالم اذا لم يعمل بعلمه زلّت موعظته عن القلوب كما يزلّ المطر عن الصفا (٥).
وقد دلّهم على ما يحفظون به ما يتعلّمونه فقال عليهالسلام : اكتبوا فإنكم لا تحفظون حتّى تكتبوا (٦).
وممّا قاله للمفضّل بن عمر : اكتب وبثّ علمك في إخوانك فإن متّ
__________________
(١) كتاب زيد الزراد وهو من الاصول المعتبرة ..
(٢) بحار الأنوار : ٢ / ٣٧ / ٥٤ ..
(٣) بحار الأنوار : ٢ / ٣٧ / ٥٥ ..
(٤) بحار الأنوار : ٢ / ٣٨ / ٥٦ ..
(٥) بحار الأنوار : ٢ / ٣٩ / ٦٨ ..
(٦) الكافي : ١ / ٥٢ / ٩ ..