فورّث كتبك بنيك ، فإنّه يأتي زمان هرج ما يأنسون فيه إلاّ بكتبهم (١).
وقال : احتفظوا بكتبكم فإنكم سوف تحتاجون إليها. (٢)
إنه عليهالسلام ما أراد فضيلة العلم لأهل زمانه فحسب ، بل أرادها لكلّ جيل وعصر ، كما أنه ما أوصاهم بالتعلّم إلاّ لأن يجمعوا كلّ فضيلة معه كما ستعرفه من وصاياه ، وكما تعرفه من قوله عليهالسلام.
فإن الرجل منكم اذا ورع في دينه وصدق الحديث ، وأدّى الأمانة وحسن خلقه مع الناس ، قيل هذا جعفري ، ويسرّني ذلك ويدخل عليّ منه السرور ، وإن كان على غير ذلك دخل عليّ بلاؤه وعاره ، وقيل هذا أدب جعفر (٣).
إن الصادق وآباءه من قبل وأبناءه من بعد جاهدوا في حسن تربية الامّة وتوجيههم الى الفضائل ، وردعهم عن الرذائل بشتّى الوسائل ، ولكن ما حيلتهم اذا كان الناس يأبون أن يسيروا بنهج الحقّ ، وأن يتنكّبوا عن جادة الباطل.
وما حضّ على طلب العلم إلاّ وحضّ على العناية بشأن العلماء والعطف عليهم ، فقال عليهالسلام : إني لأرحم ثلاثة ، وحقّ لهم أن يرحموا : عزيز أصابته ذلّة ، وغنيّ أصابته حاجة ، وعالم يستخفّ به أهله والجهلة (٤).
وقال عليهالسلام : ثلاثة يشكون الى الله عزّ وجل : مسجد خراب لا يصلّي به أهله ، وعالم بين جهّال ، ومصحف معلّق قد وقع عليه غبار لا يقرأ فيه (٥).
وقال إسحاق بن عمّار الصيرفي (٦) : قلت للصادق عليهالسلام : من قام من
__________________
(١) الكافي : ١ / ٥٢ / ١١ ..
(٢) الكافي : ١ / ٥٢ / ١٠ ..
(٣) الكافي : ٢ / ٦٣٦ ..
(٤) خصال الصدوق : ص ٨٧ ..
(٥) بحار الأنوار : ٩٢ / ١٩٥ ..
(٦) سيأتي في ثقات المشاهير من أصحابه عليهالسلام ..