وهو شهيد.
أمّا الدليل على الأول فموجزه : إن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان عليما بما صدع به ، لا يجهل ما يسأل عنه ، شريعته واحدة ليس فيها اختلاف ، وخالدة إلى يوم البعث ، حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة ، فلو ألقى الحبل على الغارب للامّة في ارتياد الامام القائم بوظائفه لألفينا الامّة جاهلة بأحكام الشريعة لا تعرف الحرام من الحلال ، ولا الحلال من الحرام إذ ليس لديها حكم فصل في علم الشريعة ترجع إلى قوله ، وحاكم عدل في إمضاء الحدود تخضع لأمره ، فتتشعّب لذلك إلى مذاهب ونحل ، وكلّ يقوم بالحجّة على صحّة رأيه ويقيم الأدلّة على صدق عقيدته كما كان ذلك كلّه حين اختار بعض الناس من أنفسهم لأنفسهم إماما وخليفة اختاروا خلفاء لا يعلمون جميع ما جاء به الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ويجهلون كثيرا ممّا يسألون عنه ، ولمّا كانوا بعد الاختيار لهم هم الحكم الفصل والحاكم العدل ، ولمّا لم يجد الناس عند هؤلاء القائمين بالأمر مطلوبهم في الحكومة والأحكام صار كلّ يبدي مذاهبه وآراءه ، وليس عند أحد حجّة قاهرة ، وبرهان نيّر يصدع به شبه تلك المذاهب ، وشكوك هذه الآراء ، وتعارضت النحل ، وكلّ ينسب ما لديه إلى الشريعة ، وما عنده إلى الدين ، فأين الحلال والحرام اللذان لا يتبدّلان إلى الساعة الأخيرة من هذا الوجود ، وأين الشريعة الواحدة الخالدة عمر الدهر ، وقد أصبح في الاسلام بعد نبيّه مشرّعون وشرائع ، وأديان ومذاهب.
ولمّا كان هذا التبديل والتحريف طارئا عن اختيار الناس لمن لا يعلم جميع ما جاء في الشريعة ليكون العالم والحاكم في ساعة واحدة ، يقطع حجج المتأوّلين وألسنة المتقوّلين بالبرهان مرّة وحدود الشفار اخرى فلا تخالفه الناس بعد ذاك ولا تختلف في الآراء والأهواء ، وجب على الامّة أن تختار لها إماما