عالما بكلّ ما جاءت به الشريعة الأحمديّة ، عاملا في تنفيذ علمه ، عنده علم ما يسأل عنه ولديه الحجّة على إزالة الأوهام والأباطيل والجهالات والأضاليل ، لتبقى الشريعة الغرّاء على ما صدع بها الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم أبد الدهر وحلاله وحرامه لا يتبدّلان مدى العمر ، فلا شرائع ولا مشرّعين ولا مذاهب ولا أديان.
ولكن أين للأمّة اختيار ذلك الحاكم العالم؟ ومن أين تعرفه؟ ولو عرفته فمن أين له اتفاق الكلمة عليه ، والناس مختلفو النزعات متباينو الأغراض؟
فوجب عليه تعالى أن ينصب لهم هذا الامام ، ويعرّفهم بواسطة الرسول ذلك الخلف العادل ، والعالم العامل ، لأن الله سبحانه أنظر لعباده ، وأدرى بمن يليق لهذا المنصب الخطير ، والمقام العظيم.
فاذا كان نصب الامام واجبا عليه تعالى استحال في العقول أن يهمل سبحانه الواجب فيما يصلح عباده ، ويهدي خليقته ، كما يستحيل على الرسول أن يترك التبليغ عنه تعالى بنصب هذا الامام ، ولو جاز عليه ترك هذا الواجب لجاز عليه غيره.
فمتى وجب الرسول وجب الامام ، ومتى بعث الله رسولا نصب الامام ، فلا رسول بلا إمام ، ولا شريعة بغير تفسير وتنفيذ.
وأمّا الدليل على الثاني وهو وجود هذا الامام فالأمر فيه سهل بعد ما تقدّم ، لأنا إذا اعتقدنا بوجوب نصب الامام على تلك الصفات وأنه قد نصبه الله تعالى لخلقه اعتقدنا أنه تعالى لا يجعله مجهول الاسم والنسب ويعسر على الامّة معرفته ، ولا نعرف في الامّة أئمة ادّعي فيهم ذلك وادّعوها لأنفسهم غير علي وبنيه عليهمالسلام ، فلو لم يكونوا هم الأئمة لكانت الامامة وذلك الوجوب لغوا.
فلم يبق إذن إلاّ أن نعرف عنهم أنهم اولئك العلماء الذين لا يجهلون ،