والشهرستاني (١) في الملل والنحل : « وهو ذو علم غزير في الدين والأدب ، كامل في الحكمة ، وزهد بالغ وورع تامّ في الشهوات ، وقد أقام بالمدينة مدّة يفيد الشيعة المنتمين إليه ، ويفيض على الموالين أسرار العلوم ، ثم دخل العراق وأقام بها مدّة ما تعرّض للامامة قط (٢) ولا نازع أحدا في الخلافة ، ومن غرق في بحر المعرفة لم يطمع في شط ، ومن تعلّى إلى ذروة الحقيقة لم يخف من حط ، وقيل من آنس بالله توحّش عن الناس ، ومن استأنس بغير الله نهبه الوسواس ».
واليافعي (٣) في مرآة الجنان ( ١ : ٣٠٤ ) فيمن توفي عام ١٤٨ ، يقول : « وفيها توفي الامام السيد الجليل سلالة النبوّة ومعدن الفتوّة ، أبو عبد الله جعفر الصادق ، ودفن بالبقيع في قبر فيه أبوه محمّد الباقر ، وجدّه زين العابدين وعمّ جده الحسن ابن علي رضوان الله عليهم أجمعين ، وأكرم بذلك القبر وما جمع من الأشراف الكرام اولي المناقب ، وإنما لقّب بالصادق لصدقه في مقالته ، وله كلام نفيس في علوم التوحيد وغيرها ، وقد الّف تلميذه جابر بن حيّان الصوفي كتابا يشتمل على ألف ورقة يتضمّن رسائله وهي خمسمائة رسالة ».
والصدوق طاب ثراه (٤) يروي في أماليه المجلس ال ٤٢ عن سليمان بن داود
__________________
(١) أبو الفتح محمّد بن أبي القاسم كان فقيها متكلّما على مذهب الأشعري ، دخل بغداد عام ٥١٠ وأقام بها ثلاث سنين وكانت ولادته بشهرستان وبها توفى عام ٥٤٨ ، ترجم له في الوفيّات ومعجم الادباء وطبقات السبكي وروضات الجنّات ، ومفتاح السعادة وغيرها ..
(٢) يراد من الامامة هنا الامامة التي يعقدها الناس ، وإلاّ فهو إمام اجتمع عليه الناس أو تفرّقوا ، تعرّض للأمر أو صفح ..
(٣) أبو محمّد عبد الله بن سعد بن علي بن سليمان عفيف الدين اليافعي اليماني نزيل الحرمين المتوفى عام ٧٦٨ ..
(٤) محمّد بن علي بن بابويه القميّ المحدّث الجليل صاحب التآليف القيّمة الكثيرة البالغة نحوا من ٣٠٠ مؤلّف ، وقد ورد بغداد عام ٣٥٢ وسمع منه شيوخ الطائفة على حداثة سنّه ، ومات بالري عام ٣٨١ ..