لك : إن الدار وإن نأت والحال وإن اختلفت فإنّا نرجع إلى رحم أمسّ من يمين بشمال ، ونعل بقبال (١) وهو يسألك المصير إليه في وقتك هذا ، فإن سمح بالمصير معك فأوطئه خدّك ، وإن امتنع بعذر أو غيره فاردد الأمر إليه في ذلك ، وإن أمرك بالمصير إليه في تأنّ فيسّر ولا تعسّر ، واقبل العفو ولا تعنف في قول ولا فعل ، قال الربيع : فصرت إلى بابه فوجدته في دار خلوته فدخلت عليه من غير استئذان ، فوجدته معفّرا خدّيه مبتهلا بظهر كفّيه قد أثّر التراب في وجهه وخدّيه ، فأكبرت أن أقول شيئا حتّى فرغ من صلاته ودعائه ، ثم انصرف بوجهه فقلت : السّلام عليك يا أبا عبد الله فقال : وعليك السّلام يا أخي ، ما جاء بك ، فقلت : ابن عمّك يقرأ عليك السّلام ، حتّى بلغت إلى آخر الكلام ، فقال : ويحك يا ربيع « ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله وما نزل من الحقّ ولا يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست قلوبهم » (٢) ويحك يا ربيع « أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون ، أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون ، أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلاّ القوم الخاسرون » (٣) قرأت على أمير المؤمنين السّلام ورحمة الله وبركاته ، ثمّ أقبل على صلاته ، وانصرف إلى توجّهه ، فقلت : هل بعد السّلام من مستعتب أو اجابة ، فقال : نعم ، قل له : « أفرأيت الذي تولّى ، وأعطى قليلا واكدى ، أعنده علم الغيب فهو يرى ، أم لم ينبّأ بما في صحف موسى ، وإبراهيم الذي وفّى ، ألاّ تزر وازرة وزر أخرى ، وأن ليس للانسان إلا ما سعى ، وأنّ سعيه سوف يرى » (٤) إنّا والله
__________________
(١) بالكسر زمام بين الاصبع الوسطى والتي يليها ..
(٢) الحديد : ١٥ ..
(٣) الأعراف : ٩٧ ـ ٩٩ ..
(٤) النجم : ٣٣ ـ ٤٠ ، وأن هذه الآيات فيها تذكير ووعظ وتهديد ، وأن الانسان مقرون بعمله ولا يؤاخذ.