ولا شكّ في أن هذه المأساة قد تركت آثارها علىٰ حياة تلك البطلة المجاهدة ، ولا بدّ وأن تكون قد استلهمت من تلك الواقعة وشخوصها الجهادية المنقطعة النظير ، بل هي الوتر في كل الدهور ، أعظم العبر والدروس في كيفية الدفاع عن الحقّ والاستماتة حتىٰ النفس الأخير في سبيل العقيدة والمبدأ.
امتازت هذه السيدة الجليلة بخصائص وكرامات شأنها شأن تلك السلسلة الذهبية من مطهّرات الأرحام. ومن الأمور الدالّة علىٰ ذلك ، ما قاله الإمام الصادق عليهالسلام في حقّها : قال : « كانت ممن آمنت واتّقت وأحسنت والله يحبّ المحسنين » (١).
ووصفها عليهالسلام ذات يوم بقوله : « كانت صدّيقة لم يُدرَك في آل الحسن مثلها » (٢).
وقال ولدها الإمام الباقر عليهالسلام : « كانت أُمّي قاعدة عند جدار فتصدّع الجدار ، وسمعنا هدّة شديدة فقالت بيدها : لا وحقّ المصطفىٰ صلىاللهعليهوآله ما أذن الله لك في السقوط ، فبقيَ معلّقاً في الجوّ حتىٰ جازته ، فتصدّق أبي عنها بمائة دينار » (٣).
وإذا ما أُضيف إلىٰ هذا سمات البيت الذي تعهدها بالتربية منذ نعومة أظفارها ، وأي معلم قام بهذا ، سنجد البيت بيت آل محمّد والمعلم سبط
_____________
(١) تواريخ النبي والآل / محمّد تقي التستري : ٩٠.
(٢) دعوات الراوندي : ٦٨ / ١٦٥ ، بحار الأنوار ٤٦ : ٢١٥ / ١٤.
(٣) الكافي / الكليني ١ : ٤٦٩ / ١ ، باب مولد الإمام الباقر عليهالسلام.