وقد ألقىٰ كلّ سمعه إلىٰ السيدة آمنة وهي تحدّث عمّا رأت وسمعت حين الوضع لمولودها المبارك وعن كل ما قالت.
ثمّ حمل عبد المطلب حفيده العزيز بين ذراعيه في رفق ورقّة ، وانطلق به خارجاً إلىٰ الكعبة المعظمة ، فقام يدعو الله ويشكر له أن وهبه ولداً عوضاً عن أبيه السيد الفقيد ، وأحاط به بنوه في خشوع وهو يطوف بالكعبة المشرّفة ويعوّذُه منشداً : (١)
|
الحمد لله الذي أعطاني |
|
|
هذا الغلام الطيب الأردانِ |
|
|
قد ساد في المهد علىٰ الغلمانِ |
|
|
اُعيذه بالبيت ذي الأركانِ |
|
|
حتّىٰ أراه بالغ البنيانِ |
|
|
أُعيذُه من شرّ ذي شنآنِ |
|
|
من حاسد مضطرب العنانِ |
|
ثمّ ردّهُ إلىٰ أمّه وعاد لينحر الذبائح ويطعم أهل الحرم وسباع الطير ووحش الفلاة ، وكانت مكّة حين ذاعت بشرىٰ المولد ما زالت تحتفل بما أتاح الله لها من نصر علىٰ أصحاب الفيل ، فرأىٰ القوم في مولد محمّد صلىاللهعليهوآله آية تذكّر باُخرىٰ.
أقبلت السيدة (آمنة) علىٰ صغيرها الحبيب ترضعه ريثما تأتي المراضع من البادية فيذهبن به مع لداته من رضعاء قريش بعيداً عن جو مكّة الخانق ، ولكن
_____________
(١) الطبقات الكبرىٰ / ابن سعد ١ : ١٠٣.