من قصب (١) ، لا صخب فيه ولا نصب » (٢).
وبهذه الكرامات فإن التاريخ ليحني رأسه أمام عظمة أم المؤمنين خديجة عليهاالسلام ، ويقف أمامها خاشعاً مبهوتاً لدورها الإسلامي الكبير وتضحياتها الجمّة الجسيمة في سبيل العقيدة والمبدأ ، وها نحن نذكر اليسير مما يشير إلىٰ ذلك من خلال سيرتها وتاريخها.
لقد كان بيت السيدة خديجة من بيوتات قريش المعروفة بالعفّة والمحافظة وسموّ الأخلاق الفاضلة.
وحفظ لنا التاريخ أنّ قبيلتها هي القدوة والمثل الأعلىٰ في نصرة المظلوم وإغاثة الملهوف وحماية المستجير ، وتربّت السيدة خديجة منذ نعومة أظفارها علىٰ تلك السجايا الرفيعة ، وكانت مؤمنة بالله العظيم منذ أوّل لحظات حياتها ، ومرّت مسيرتها الإيمانية وتكاملت في مرحلتين :
الاُولىٰ : منذ نعومة أظفارها حتىٰ معرفتها بشخص محمّد صلىاللهعليهوآله حيث تاجر بأموالها.
الثانية : زواجها منه صلىاللهعليهوآله حتىٰ بعثته المباركة.
أمّا المرحلة الاُولىٰ فقد اتّسمت بتظافر عنصرين هامّين لبناء إيمانها وهما :
١ ـ وجود بقايا الديانة الحنيفية الإبراهيمية التي غمرت الجزيرة والتي ورثتها مدينة مكّة المكرمة وقبيلة قريش بالذات حيث انهم ينحدرون من
_____________
(٤) القصب : الزبرجد الأخضر المُرصَّع بالياقوت الأحمر.
(٥) أسد الغابة / ابن الأثير ٥ : ٤٣٨ ، تاريخ اليعقوبي ١ : ٣٥٤ ، الاصابة ٤ : ٢٨٢.